كاتب الموضوع | رسالة |
---|
عفاف كامل خادم رايه التوحيد متميز
عدد المساهمات : 616 تاريخ التسجيل : 06/06/2010
| موضوع: رد: فى رحاب حفظ وتفسير ايتين يوميا الجمعة سبتمبر 03, 2010 6:55 pm | |
| السلام عليكم ورحمة الله وبركاتة
يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (21)
الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ فِرَاشًا وَالسَّمَاءَ بِنَاءً وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ
مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقًا لَكُمْ ۖ فَلَا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَادًا وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ (22)
التفسير لأبن كثير
يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (21)
شرع تبارك وتعالى في بيان وحدانية ألوهيته بأنه تعالى هو المنعم على عبيده
بإخراجهم من العدم إلى الوجود وإسباغه عليهم النعم الظاهرة والباطنة .
الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ فِرَاشًا وَالسَّمَاءَ بِنَاءً وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ
مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقًا لَكُمْ ۖ فَلَا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَادًا وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ (22)
وإسباغه عليهم النعم الظاهرة والباطنة بأن جعل لهم الأرض فراشا أي مهدا
كالفراش مقررة موطأة مثبتة بالرواسي الشامخات والسماء بناء وهو السقف
كما قال في الآية الأخرى " وجعلنا السماء سقفا محفوظا وهم عن آياتها
معرضون " " وأنزل من السماء ماء " والمراد به السحاب هاهنا في وقته عند
احتياجهم إليه فأخرج لهم به من أنواع الزروع والثمار ما هو مشاهد رزقا لهم
ولأنعامهم كما قرر هذا في غير موضع من القرآن ومن أشبه آية بهذه الآية قوله
تعالى " الذي جعل لكم الأرض قرارا والسماء بناء وصوركم فأحسن صوركم
ورزقكم من الطيبات ذلكم الله ربكم فتبارك الله رب العالمين " ومضمونه أنه
الخالق الرازق مالك الدار وساكنيها ورازقهم فبهذا يستحق أن يعبد وحده ولا
يشرك به غيره ولهذا قال " فلا تجعلوا لله أندادا وأنتم تعلمون" وفي الصحيحين
عن ابن مسعود قال : قلت يا رسول الله أي الذنب أعظم عند الله ؟ قال " أن
تجعل لله ندا وهو خلقك " الحديث وكذا حديث معاذ " أتدري ما حق الله على
عباده ؟ أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئا " الحديث وفي الحديث الآخر " لا يقول
أحدكم ما شاء الله وشاء فلان ولكن ليقل ما شاء الله ثم شاء فلان " وقال حماد
أخي عائشة أم المؤمنين لأمها قال : رأيت فيما يرى النائم كأني أتيت على نفر
من اليهود فقلت من أنتم ؟ قالوا : نحن اليهود . قلت : إنكم لأنتم القوم لولا أنكم
تقولون عزير ابن الله. قالوا : وإنكم لأنتم القوم لولا أنكم تقولون ما شاء الله وشاء
محمد قال : ثم مررت بنفر من النصارى فقلت : من أنتم قالوا : نحن النصارى .
قلت : إنكم لأنتم القوم لولا أنكم تقولون المسيح ابن الله قالوا : وإنكم لأنتم
القوم لولا أنكم تقولون ما شاء الله وشاء محمد . فلما أصبحت أخبرت بها من
أخبرت ثم أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فأخبرته فقال " هل أخبرت بها أحدا
؟ " قلت : نعم . فقام فحمد الله وأثنى عليه ثم قال " أما بعد فإن طفيلا رأى رؤيا
أخبر بها من أخبر منكم وإنكم قلتم كلمة كان يمنعني كذا وكذا أن أنهاكم عنها
وجه آخر عن عبد الملك بن عمير به بنحوه وقال سفيان بن سعيد الثوري عن
الأجلح بن عبد الله الكندي عن يزيد بن الأصم عن ابن عباس قال : قال رجل
للنبي صلى الله عليه وآله وسلم ما شاء الله وما شئت فقال " أجعلتني لله ندا
؟ قل ما شاء الله وحده" . رواه ابن مردويه وأخرجه النسائي وابن ماجه من
حديث عيسى بن يونس عن الأجلح به وهذا كله صيانة وحماية لجناب التوحيد
والله أعلم . وقال محمد بن إسحاق حدثني محمد بن أبي محمد عن عكرمة أو
سعيد بن جبير عن ابن عباس قال : قال الله تعالى يا أيها الناس اعبدوا ربكم
للفريقين جميعا من الكفار والمنافقين أي وحدوا ربكم الذي خلقكم والذين من
قبلكم وبه عن ابن عباس فلا تجعلوا لله أندادا وأنتم تعلمون أي لا تشركوا بالله
غيره من الأنداد التي لا تنفع ولا تضر وأنتم تعلمون أنه لا رب لكم يرزقكم غيره
وقد علمتم أن الذي يدعوكم إليه الرسول صلى الله عليه وسلم من التوحيد هو
الحق الذي لا شك فيه . وهكذا قال قتادة وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أحمد بن
عمرو بن أبي عاصم حدثنا أبي عمرو حدثنا أبي الضحاك بن مخلد أبو عاصم حدثنا
شبيب بن بشر حدثنا عكرمة عن ابن عباس في قول الله عز وجل فلا تجعلوا لله
أندادا وقال الأنداد هو الشرك أخفى من دبيب النمل على صفاة سوداء في ظلمة
الليل وهو أن يقول والله وحياتك يا فلان وحياتي ويقول لولا كلبة هذا لأتانا
اللصوص البارحة ولولا البط في الدار لأتى اللصوص . وقول الرجل لصاحبه ما شاء
الله وشئت وقول الرجل لولا الله وفلان لا تجعل فيه فلان هذا كله به شرك .
وفي الحديث أن رجلا قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم ما شاء الله وشئت
قال " أجعلتني لله ندا " وفي الحديث الآخر " نعم القوم أنتم لولا أنكم تنددون
تقولون ما شاء الله وشاء فلان " . قال أبو العالية : فلا تجعلوا لله أندادا أي عدلاء
شركاء . وهكذا قال الربيع بن أنس وقتادة والسدي وأبو مالك وإسماعيل بن أبي
خالد وقال مجاهد فلا تجعلوا لله أندادا وأنتم تعلمون قال : تعلمون أنه إله واحد
في التوراة والإنجيل . " ذكر حديث في معنى هذه الآية الكريمة " قال الإمام
أحمد حدثنا عفان حدثنا أبو خلف موسى بن خلف وكان يعد من البدلاء حدثنا
يحيى بن أبي كثير عن زيد بن سلام عن جده ممطور عن الحارث الأشعري أن
نبي الله صلى الله عليه وسلم قال " إن الله عز وجل أمر يحيى بن زكريا عليه
السلام بخمس كلمات أن يعمل بهن وأن يأمر بني إسرائيل أن يعملوا بهن وأنه
كاد أن يبطئ بها فقال له عيسى عليه السلام : إنك قد أمرت بخمس كلمات أن
تعمل بهن وتأمر بني إسرائيل أن يعملوا بهن فإما أن تبلغهن وإما أن أبلغهن
يحيى بن زكريا بني إسرائيل في بيت المقدس حتى امتلأ المسجد فقعد على
الشرف فحمد الله وأثنى عليه ثم قال إن الله أمرني بخمس كلمات أن أعمل
بهن وآمركم أن تعملوا بهن أولهن أن تعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا فإن مثل ذلك
كمثل رجل اشترى عبدا من خالص ماله بورق أو ذهب فجعل يعمل ويؤدي غلته
إلى غير سيده فأيكم يسره أن يكون عبده كذلك وأن الله خلقكم ورزقكم
فاعبدوه ولا تشركوا به شيئا وأمركم بالصلاة فإن الله ينصب وجهه لوجه عبده ما
لم يلتفت فإذا صليتم فلا تلتفتوا وأمركم بالصيام فإن مثل ذلك كمثل رجل معه
صرة من مسك في عصابة كلهم يجد ريح المسك وإن خلوف فم الصائم أطيب
عند الله من ريح المسك وأمركم بالصدقة فإن مثل ذلك كمثل رجل أسره العدو
فشدوا يديه إلى عنقه وقدموه ليضربوا عنقه . وقال لهم : هل لكم أن أفتدي
نفسي منكم فجعل يفتدي نفسه منهم بالقليل والكثير حتى فك نفسه وأمركم
بذكر الله كثيرا وإن مثل ذلك كمثل رجل طلبه العدو سراعا في أثره فأتى حصنا
حصينا فتحصن فيه وإن العبد أحصن ما يكون من الشيطان إذا كان في ذكر الله "
قال : وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " وأنا آمركم بخمس الله أمرني
بهن : الجماعة والسمع والطاعة والهجرة والجهاد في سبيل الله فإنه من خرج
من الجماعة قيد شبر فقد خلع ربقة الإسلام من عنقه إلا أن يراجع ومن دعا
د بدعوى جاهلية فهو من جثاء جهنم" قالوا : يا رسول الله وإن صام وصلى .
فقال " وإن صلى وصام وزعم أنه مسلم فادعوا المسلمين بأسمائهم على ما
سماهم الله عز وجل المسلمين المؤمنين عباد الله " هذا حديث حسن
والشاهد منه في هذه الآية قوله " وإن الله خلقكم ورزقكم فاعبدوه ولا تشركوا به شيئا " وهذه الآية دالة على توحيده تعالى بالعبادة وحده لا شريك له وقد
استدل به كثير من المفسرين كالرازي وغيره على وجود الصانع تعالى وهي دالة
على ذلك بطريق الأولى فإن من تأمل هذه الموجودات السفلية والعلوية
واختلاف أشكالها وألوانها وطباعها ومنافعها ووضعها في مواضع النفع بها محكمة
علم قدرة خالقها وحكمته وعلمه وإتقانه وعظيم سلطانه كما قال بعض الأعراب
وقد سئل ما الدليل على وجود الرب تعالى ؟ فقال : يا سبحان الله إن البعر
ليدل على البعير وإن أثر الأقدام لتدل على المسير فسماء ذات أبراج وأرض ذات
فجاج . وبحار ذات أمواج ؟ ألا يدل ذلك على وجود اللطيف الخبير ؟ . وحكى الرازي
عن الإمام مالك أن الرشيد سأله عن ذلك فاستدل له باختلاف اللغات والأصوات
والنغمات وعن أبي حنيفة أن بعض الزنادقة سألوه عن وجود الباري تعالى فقال
لهم : دعوني فإني مفكر في أمر قد أخبرت عنه ذكروا لي أن سفينة في البحر
موقرة فيها أنواع من المتاجر وليس بها أحد يحرسها ولا يسوقها وهي مع ذلك
تذهب وتجيء وتسير بنفسها وتخترق الأمواج العظام حتى تتخلص منها وتسير
حيث شاءت بنفسها من غير أن يسوقها أحد . فقالوا هذا شيء لا يقوله عاقل .
فقال : ويحكم هذه الموجودات بما فيها من العالم العلوي والسفلي وما
اشتملت عليه من الأشياء المحكمة ليس لها صانع . فبهت القوم ورجعوا إلى
الحق وأسلموا على يديه وعن الشافعي أنه سئل عن وجود الصانع فقال : هذا
ورق التوت طعمه واحد تأكله الدود فيخرج منه الإبريسم وتأكله النحل فيخرج منه
العسل وتأكله الشاة والبقر والأنعام فتلقيه بعرا وروثا وتأكله الظباء فيخرج منها
المسك وهو شيء واحد وعن الإمام أحمد بن حنبل أنه سئل عن ذلك فقال :
هاهنا حصن حصين أملس ليس له باب ولا منفذ ظاهره كالفضة البيضاء وباطنه
كالذهب الإبريز فبينا هو كذلك إذ انصدع جداره فخرج منه حيوان سميع بصير ذو
شكل حسن وصوت مليح يعني بذلك البيضة إذا خرج منها الدجاجة وسئل أبو
نواس عن ذلك فأنشد : تأمل في نبات الأرض وانظر إلى آثار ما صنع المليك
عيون من لجين شاخصات بأحداق هي الذهب السبيك على قضب الزبرجد
شاهدات بأن الله ليس له شريك وقال ابن المعتز : فيا عجبا كيف يعصى الإله
أم كيف يجحده الجاحد وفي كل شيء له آية تدل على أنه واحد وقال آخرون
من تأمل هذه السماوات في ارتفاعها واتساعها وما فيها من الكواكب الكبار
والصغار النيرة من السيارة ومن الثوابت وشاهدها كيف تدور مع الفلك العظيم
في كل يوم وليلة دويرة ولها في أنفسها سير يخصها ونظر إلى البحار المكتنفة
للأرض من كل جانب والجبال الموضوعة في الأرض لتقر ويسكن ساكنوها مع
اختلاف أشكالها وألوانها كما قال تعالى " ومن الجبال جدد بيض وحمر مختلف
ألوانها وغرابيب سود ومن الناس والدواب والأنعام مختلف ألوانه كذلك إنما
يخشى الله من عباده العلماء " وكذلك هذه الأنهار السارحة من قطر إلى قطر
ى للمنافع وما ذرأ في الأرض من الحيوانات المتنوعة والنبات المختلف الطعوم والأراييج والأشكال والألوان مع اتحاد طبيعة التربة والماء استدل على وجود الصانع
وقدرته العظيمة وحكمته ورحمته بخلقه ولطفه بهم وإحسانه إليهم وبره بهم لا
إله غيره ولا رب سواه عليه توكلت وإليه أنيب والآيات في القرآن الدالة على هذا
المقام كثيرة جدا .
| |
|
| |
عفاف كامل خادم رايه التوحيد متميز
عدد المساهمات : 616 تاريخ التسجيل : 06/06/2010
| موضوع: رد: فى رحاب حفظ وتفسير ايتين يوميا الإثنين سبتمبر 06, 2010 1:28 pm | |
| السلام عليكم ورحمة الله وبركاتة
وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَىٰ عَبْدِنَا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ وَادْعُوا
شُهَدَاءَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (23)
فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا وَلَنْ تَفْعَلُوا فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ ۖ أُعِدَّتْ
لِلْكَافِرِينَ (24)
التفسير لأبن كثير
وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَىٰ عَبْدِنَا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ وَادْعُوا
شُهَدَاءَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (23)
ثم شرع تعالى في تقرير النبوة بعد أن قرر أنه لا إله إلا هو فقال مخاطبا
للكافرين " وإن كنتم في ريب مما نزلنا على عبدنا " يعني محمدا صلى الله عليه
وآله وسلم فأتوا بسورة من مثل ما جاء به إن زعمتم أنه من عند غير الله فعارضوه
بمثل ما جاء به واستعينوا على ذلك بمن شئتم من دون الله فإنكم لا تستطيعون
ذلك قال ابن عباس شهداءكم أعوانكم وقال السدي عن أبي مالك شركاءكم أي
قوما آخرين يساعدونكم على ذلك أي استعينوا بآلهتكم في ذلك يمدونكم
وينصرونكم وقال مجاهد وادعوا شهداءكم قال ناس يشهدون به يعني حكام
الفصحاء وقد تحداهم الله تعالى بهذا في غير موضع من القرآن فقال في سورة
القصص " قل فأتوا بكتاب من عند الله هو أهدى منهما أتبعه إن كنتم صادقين "
وقال في سورة سبحان " قل لئن اجتمعت الإنس والجن على أن يأتوا بمثل هذا
القرآن لا يأتون بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا " وقال في سورة هود " أم
يقولون افتراه قل فأتوا بعشر سور مثله مفتريات وادعوا من استطعتم من دون الله
إن كنتم صادقين" وقال في سورة يونس " وما كان هذا القرآن أن يفترى من دون
الله ولكن تصديق الذي بين يديه وتفصيل الكتاب لا ريب فيه من رب العالمين أم
يقولون افتراه قل فأتوا بسورة من مثله وادعوا من استطعتم من دون الله إن كنتم
صادقين " وكل هذه الآيات مكية ثم تحداهم بذلك أيضا في المدينة فقال في هذه
الآية " وإن كنتم في ريب " أي شك " مما نزلنا على عبدنا " يعني محمدا صلى الله عليه وسلم " فأتوا بسورة من مثله " يعني من مثل القرآن قاله مجاهد
وقتادة واختاره ابن جرير والطبري والزمخشري والرازي ونقله عن عمر وابن
مسعود وابن عباس والحسن البصري وأكثر المحققين ورجح ذلك بوجوه من
أحسنها أنه تحداهم كلهم متفرقين ومجتمعين سواء في ذلك أميهم وكتابيهم
وذلك أكمل في التحدي وأشمل من أن يتحدى آحادهم الأميين ممن لا يكتب ولا
يعاني شيئا من العلوم وبدليل قوله تعالى " فأتوا بعشر سور مثله " وقوله لا يأتون
بمثله . وقال بعضهم من مثل محمد صلى الله عليه وسلم يعني من رجل أمي
مثله . والصحيح الأول لأن التحدي عام لهم كلهم مع أنهم أفصح الأمم وقد
تحداهم بهذا في مكة والمدينة مرات عديدة مع شدة عداوتهم له وبغضهم لدينه
ومع هذا أعجزوا عن ذلك .
فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا وَلَنْ تَفْعَلُوا فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ ۖ أُعِدَّتْ
لِلْكَافِرِينَ (24)
ولهذا قال تعالى " فإن لم تفعلوا ولن تفعلوا " لن لنفي التأبيد في المستقبل أي
ولن تفعلوا ذلك أبدا وهذه أيضا معجزة أخرى وهو أنه أخبر خبرا جازما قاطعا مقدما
غير خائف ولا مشفق أن هذا القرآن لا يعارض بمثله أبد الآبدين ودهر الداهرين
وكذلك وقع الأمر لم يعارض من لدنه إلى زماننا هذا ولا يمكن وأنى يتأتى ذلك
لأحد والقرآن كلام الله خالق كل شيء وكيف يشبه كلام الخالق كلام المخلوقين
ومن تدبر القرآن وجد فيه من وجوه الإعجاز فنونا ظاهرة وخفية من حيث اللفظ
ومن جهة المعنى قال الله تعالى " الر كتاب أحكمت آياته ثم فصلت من لدن حكيم
خبير " فأحكمت ألفاظه وفصلت معانيه أو بالعكس على الخلاف فكل من لفظه
ومعناه فصيح لا يحادى ولا يدانى فقد أخبر عن مغيبات ماضية كانت ووقعت طبق
ما أخبر سواء بسواء وأمر بكل خير ونهى عن كل شر كما قال تعالى " وتمت كلمة
ربك صدقا وعدلا " أي صدقا في الإخبار وعدلا في الأحكام فكله حق وصدق وعدل
وهدى ليس فيه مجازفة ولا كذب ولا افتراء كما يوجد في أشعار العرب وغيرهم
من الأكاذيب والمجازفات التي لا يحسن شعرهم إلا بها كما قيل في الشعر إن
أعذبه أكذبه . وتجد القصيدة الطويلة المديدة قد استعمل غالبها في وصف النساء
أو الخيل أو الخمر أو في مدح شخص معين أو فرس أو ناقة أو حرب أو كائنة أو
مخافة أو سبع أو شيء من المشاهدات المتعينة التي لا تفيد شيئا إلا قدرة
المتكلم المعين على الشيء الخفي أو الدقيق أو إبرازه إلى الشيء الواضح ثم
تجد له فيه بيتا أو بيتين أو أكثر هي بيوت القصيد وسائرها هذر لا طائل تحته وأما
القرآن فجميعه فصيح في غاية نهايات البلاغة عند من يعرف ذلك تفصيلا وإجمالا
ممن فهم كلام العرب وتصاريف التعبير فإنه إن تأملت أخباره وجدتها في غاية
الحلاوة سواء كانت مبسوطة أو وجيزة وسواء تكررت أم لا وكلما تكررت حلا وعلا لا
يخلق عن كثرة الرد ولا يمل منه العلماء وإن أخذ في الوعيد والتهديد جاء منه ما
تقشعر منه الجبال الصم الراسيات فما ظنك بالقلوب الفاهمات وإن وعد أتى بما
يفتح القلوب والآذان ومشوق إلى دار السلام ومجاورة عرش الرحمن كما قال في
الترغيب " فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين جزاء بما كانوا يعملون "
وقال " فيها ما تشتهيه الأنفس وتلذ الأعين وأنتم فيها خالدون" وقال في
الترهيب " أفأمنتم أن يخسف بكم جانب البر " و " أأمنتم من في السماء أن
يخسف بكم الأرض فإذا هي تمور أم أمنتم من في السماء أن يرسل عليكم حاصبا
فستعلمون كيف نذير " وقال في الزجر : " فكلا أخذنا بذنبه " وقال في الوعظ"
أفرأيت إن متعناهم سنين ثم جاءهم ما كانوا يوعدون ما أغنى عنهم ما كانوا
يمتعون " إلى غير ذلك من أنواع الفصاحة والبلاغة والحلاوة وإن جاءت الآيات في
الأحكام والأوامر والنواهي اشتملت على الأمر بكل معروف حسن نافع طيب
محبوب والنهي عن كل قبيح رذيل دنيء كما قال ابن مسعود وغيره من السلف
إذا سمعت الله تعالى يقول في القرآن يا أيها الذين أمنوا فأرعها سمعك فإنها خير
يأمر به أو شر ينهى عنه ولهذا قال تعالى " يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر
ويحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث ويضع عنهم إصرهم والأغلال التي كانت
عليهم " الآية وإن جاءت الآيات في وصف المعاد وما فيه من الأهوال وفي وصف
الجنة والنار وما أعد الله فيهما لأوليائه وأعدائه من النعيم والجحيم والملاذ
والعذاب الأليم بشرت به وحذرت وأنذرت ودعت إلى فعل الخير واجتناب المنكرات
وزهدت في الدنيا ورغبت في الأخرى وثبتت على الطريقة المثلى وهدت إلى
صراط الله المستقيم وشرعه القويم ونفت عن القلوب رجس الشيطان الرجيم.
ولهذا ثبت في الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله
عليه وسلم قال " ما من نبي من الأنبياء إلا قد أعطي من الآيات ما آمن على
مثله البشر وإنما الذي كان أوتيته وحيا أوحاه الله إلي فأرجو أن أكون أكثرهم ت
ابعا يوم القيامة " لفظ مسلم - وقوله صلى الله عليه وسلم " وإنما كان الذي
أوتيته وحيا " أي الذي اختصصت به من بينهم هذا القرآن المعجز للبشر أن
يعارضوه بخلاف غيره من الكتب الإلهية فإنها ليست معجزة عند كثير من العلماء
والله أعلم وله عليه الصلاة والسلام من الآيات الدالة على نبوته وصدقه فيما
به ما لا يدخل تحت حصر ولله الحمد والمنة . وقد قرر بعض المتكلمين الإعجاز
بطريق يشمل قول أهل السنة وقول المعتزلة في الصرفة . فقال إن كان هذا
القرآن معجزا في نفسه لا يستطيع البشر الإتيان بمثله ولا في قواهم معارضته
فقد حصل المدعى وهو المطلوب وإن كان في إمكانهم معارضته بمثله ولم يفعلوا
ذلك مع شدة عداوتهم له كان ذلك دليلا على أنه من عند الله لصرفه إياهم عن
معارضته مع قدرتهم على ذلك وهذه الطريقة وإن لم تكن مرضية لأن القرآن في
نفسه معجز لا يستطيع البشر معارضته كما قررنا إلا أنها تصلح على سبيل التنزل
والمجادلة والمنافحة عن الحق وبهذه الطريقة أجاب الرازي في تفسيره عن
سؤاله في السور القصار كالعصر وإنا أعطيناك الكوثر . وقوله تعالى " فاتقوا ال
التي وقودها الناس والحجارة أعدت للكافرين " أما الوقود بفتح الواو فهو ما يلقى
في النار لإضرامها كالحطب ونحوه كما قال تعالى " وأما القاسطون فكانوا لجهنم
حطبا " وقال تعالى " إنكم وما تعبدون من دون الله حصب جهنم أنتم لها واردون لو
كان هؤلاء آلهة ما وردوها وكل فيها خالدون" والمراد بالحجارة هي هاهنا حجارة
الكبريت العظيمة السوداء الصلبة المنتنة وهي أشد الأحجار حرا إذا حميت أجارنا
الله منها . وقال عبد الملك بن ميسرة الزراد عن عبد الرحمن بن سابط عن عمرو
بن ميمون عن عبد الله بن مسعود في قوله تعالى " وقودها الناس والحجارة " قال
هي حجارة من كبريت خلقها الله يوم خلق السماوات والأرض في السماء الدنيا
يعدها للكافرين . رواه ابن جرير وهذا لفظه وابن أبي حاتم والحاكم في مستدركه
وقال على شرط الشيخين . وقال السدي في تفسيره عن أبي مالك وعن أبي
صالح عن ابن عباس وعن مرة عن ابن مسعود وعن ناس من الصحابة اتقوا النار
التي وقودها الناس والحجارة أما الحجارة فهي حجارة في النار من كبريت أسود
يعذبون به مع النار . وقال مجاهد حجارة من كبريت أنتن من الجيفة وقال أبو جعفر
محمد بن علي حجارة من كبريت . وقال ابن جريج حجارة من كبريت أسود في
النار . وقال لي عمرو بن دينار أصلب من هذه الحجارة وأعظم . وقيل المراد بها
حجارة الأصنام والأنداد التي كانت تعبد من دون الله كما قال تعالى " إنكم وما
تعبدون من دون الله حصب جهنم " الآية حكاه القرطبي والرازي ورجحه على
الأول : قال لأن أخذ النار في حجارة الكبريت ليس بمستنكر فجعلها هذه الحجارة
أولى. وهذا الذي قاله ليس بقوي وذلك أن النار إذا أضرمت بحجارة الكبريت كان
ذلك أشد لحرها وأقوى لسعيرها ولا سيما على ما ذكره السلف من إنها حجارة
من كبريت معدة لذلك ثم إن أخذ النار بهذه الحجارة أيضا مشاهد وهذا الجص
يكون أحجارا فيعمل فيه بالنار حتى يصير كذلك. وكذلك سائر الأحجار تفخرها النار
وتحرقها وإنما سيق هذا في حر هذه النار التي وعدوا بها وشدة ضرامها وقوة
لهبها قال تعالى " كلما خبت زدناهم سعيرا " وهكذا رجح القرطبي أن المراد بها
الحجارة التي تسعر بها النار لتحمر ويشتد لهبها قال ليكون ذلك أشد عذابا
لأهلها . قال : وقد جاء في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال " كل
مؤذ في النار " وهذا الحديث ليس بمحفوظ ولا معروف . ثم قال القرطبي وقد فسر
بمعنيين أحدهما أن كل من آذى الناس دخل النار والآخر أن كل ما يؤذي في النار
يتأذى به أهلها من السباع والهوام وغير ذلك . وقوله تعالى " أعدت للكافرين"
الأظهر أن الضمير في أعدت عائد إلى النار التي وقودها الناس والحجارة ويحتمل
عوده على الحجارة كما قال ابن مسعود ولا منافاة بين القولين في المعنى لأنهما
متلازمان وأعدت أي أرصدت وحصلت للكافرين بالله ورسوله كما قال ابن إسحاق
عن محمد عن عكرمة أو سعيد بن جبير عن ابن عباس أعدت للكافرين أي لمن
كان على مثل ما أنتم عليه من الكفر وقد استدل كثير من أئمة السنة بهذه الآية
على أن النار موجودة الآن لقوله تعالى" أعدت " أي أرصدت وهيئت وقد وردت
أحاديث كثيرة في ذلك منها " تحاجت الجنة والنار " ومنها" استأذنت النار ربها
فقالت رب أكل بعضي بعضا فأذن لها بنفسين نفس في الشتاء ونفس في
الصيف" وحديث ابن مسعود سمعنا وجبة فقلنا ما هذه فقال رسول الله صلى الله
عليه وسلم " هذا حجر ألقي به من شفير جهنم منذ سبعين سنة الآن وصل إلى
قعرها " وهو عند مسلم وحديث صلاة الكسوف وليلة الإسراء وغير ذلك من
الأحاديث المتواترة في هذا المعنى وقد خالفت المعتزلة بجهلهم في هذا
ووافقهم القاضي منذر بن سعيد البلوطي قاضي الأندلس. " تنبيه ينبغي الوقوف
عليه " قوله تعالى " فأتوا بسورة من مثله " وقوله في سورة يونس " بسورة مثله"
يعم كل سورة في القرآن طويلة كانت أو قصيرة لأنها نكرة في سياق الشرط فتعم
كما هي في سياق النفي عند المحققين من الأصوليين كما هو مقرر في
موضعه . فالإعجاز حاصل في طوال السور وقصارها وهذا لا أعلم فيه نزاعا بين
الناس سلفا وخلفا. وقد قال الرازي في تفسيره : فإن قيل قوله تعالى" فأتوا
بسورة من مثله " يتناول سورة الكوثر وسورة العصر وقل يا أيها الكافرون ونحن
نعلم بالضرورة أن الإتيان بمثله أو بما يقرب منه ممكن فإن قلتم إن الإتيان بمثل
هذه السور خارج عن مقدار البشر كان مكابرة والإقدام على هذه المكابرات مما
يطرق بالتهمة إلى الدين " قلنا " فلهذا السبب اخترنا الطريق الثاني وقلنا إن
بلغت هذه السورة في الفصاحة حد الإعجاز فقد حصل المقصود وإن لم يكن كذلك
كان امتناعهم من المعارضة مع شدة دواعيهم إلى توهين أمره معجزا فعلى
التقديرين يحصل المعجز هذا لفظه بحروفه والصواب أن كل سورة من القرآن
معجزة لا يستطيع البشر معارضتها طويلة كانت أو قصيرة قال الشافعي رحمه الله
لو تدبر الناس هذه السورة لكفتهم " والعصر إن الإنسان لفي خسر إلا الذين آمنوا
وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر " وقد روينا عن عمرو بن العاص أنه
وفد على مسيلمة الكذاب قبل أن يسلم فقال له مسيلمة : ماذا أنزل على
صاحبكم بمكة في هذا الحين فقال له عمرو لقد أنزل عليه سورة وجيزة بليغة
فقال وما هي فقال" والعصر إن الإنسان لفي خسر " ففكر ساعة ثم رفع رأسه
فقال : ولقد أنزل علي مثلها فقال : وما هو ؟ فقال : يا وبر يا وبر إنما أنت أذنان
وصدر وسائرك حقر فقر ثم قال كيف ترى يا عمرو فقال له عمرو والله إنك لتعلم
أني لأعلم أنك تكذب
| |
|
| |
حنين للتقوى مشرفه قسم القصص
عدد المساهمات : 179 تاريخ التسجيل : 14/06/2010
| موضوع: رد: فى رحاب حفظ وتفسير ايتين يوميا الإثنين سبتمبر 06, 2010 3:09 pm | |
| بارك الله فيك ..وجزاك كل خير | |
|
| |
نور الجنه خادم رايه التوحيد متميز
عدد المساهمات : 1390 تاريخ التسجيل : 16/06/2010 الموقع :
| موضوع: رد: فى رحاب حفظ وتفسير ايتين يوميا الإثنين سبتمبر 06, 2010 5:36 pm | |
| بارك الله فيكي اختي عفاف موضوع اكثر من رائع | |
|
| |
عفاف كامل خادم رايه التوحيد متميز
عدد المساهمات : 616 تاريخ التسجيل : 06/06/2010
| موضوع: رد: فى رحاب حفظ وتفسير ايتين يوميا الثلاثاء سبتمبر 07, 2010 1:07 pm | |
| | |
|
| |
عفاف كامل خادم رايه التوحيد متميز
عدد المساهمات : 616 تاريخ التسجيل : 06/06/2010
| موضوع: رد: فى رحاب حفظ وتفسير ايتين يوميا الثلاثاء سبتمبر 07, 2010 1:17 pm | |
| السلام عليكم ورحمة الله وبركاتة
وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا
الْأَنْهَارُ ۖ كُلَّمَا رُزِقُوا مِنْهَا مِنْ ثَمَرَةٍ رِزْقًا ۙ قَالُوا هَٰذَا الَّذِي رُزِقْنَا مِنْ قَبْلُ ۖ وَأُتُوا بِهِ
مُتَشَابِهًا ۖ وَلَهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ ۖ وَهُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (25)
إِنَّ اللَّهَ لَا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلًا مَا بَعُوضَةً فَمَا فَوْقَهَا ۚ فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا
فَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ ۖ وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَيَقُولُونَ مَاذَا أَرَادَ اللَّهُ بِهَٰذَا مَثَلًا ۘ يُضِلُّ
بِهِ كَثِيرًا وَيَهْدِي بِهِ كَثِيرًا ۚ وَمَا يُضِلُّ بِهِ إِلَّا الْفَاسِقِينَ (26)
التفسير لأبن كثير
وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا
الْأَنْهَارُ ۖ كُلَّمَا رُزِقُوا مِنْهَا مِنْ ثَمَرَةٍ رِزْقًا ۙ قَالُوا هَٰذَا الَّذِي رُزِقْنَا مِنْ قَبْلُ ۖ وَأُتُوا بِهِ
مُتَشَابِهًا ۖ وَلَهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ ۖ وَهُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (25)
لما ذكر تعالى ما أعده لأعدائه من الأشقياء الكافرين به وبرسله من العذاب
والنكال عطف بذكر حال أوليائه من السعداء المؤمنين به وبرسله الذين صدقوا
إيمانهم بأعمالهم الصالحة وهذا معنى تسمية القرآن مثاني على أصح أقوال
العلماء كما سنبسطه في موضعه وهو أن يذكر الإيمان ويتبع بذكر الكفر أو عكسه
حال السعداء ثم الأشقياء أو عكسه وحاصله ذكر الشيء ومقابله . وأما ذكر
الشيء ونظيره فذاك التشابه كما سنوضحه إن شاء الله فلهذا قال تعالى وبشر
الذين آمنوا وعملوا الصالحات أن لهم جنات تجري من تحتها الأنهار فوصفها بأنها
تجري من تحتها الأنهار أي من تحت أشجارها وغرفها وقد جاء في الحديث أن
أنهارها تجري في غير أخدود وجاء في الكوثر أن حافتيه قباب اللؤلؤ المجوف ولا
منافاة بينهما فطينها المسك الأذفر وحصباؤها اللؤلؤ والجوهر نسأل الله من فضله
إنه هو البر الرحيم . وقال ابن أبي حاتم : قرأ علي الربيع بن سليمان حدثنا أسد
بن موسى حدثنا أبو ثوبان عن عطاء بن قرة عن عبد الله بن ضمرة عن أبي هريرة
قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " أنهار الجنة تفجر من تحت تلال - أو
من تحت جبال - المسك " وقال أيضا حدثنا أبو سعيد حدثنا وكيع عن الأعمش عن
عبد الله بن مرة عن مسروق قال : قال عبد الله أنهار الجنة تفجر من جبل مسك .
وقوله تعالى " كلما رزقوا منها من ثمرة رزقا قالوا هذا الذي رزقنا من قبل " قال
السدي في تفسيره عن أبي مالك وعن أبي صالح عن ابن عباس وعن مرة عن
ابن مسعود وعن ناس من الصحابة قالوا هذا الذي رزقنا من قبل . قال : إنهم أتوا
بالثمرة في الجنة فلما نظروا إليها قالوا هذا الذي رزقنا من قبل في الدنيا وهكذا
قال قتادة وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم ونصره ابن جرير وقال عكرمة " قالوا هذا
الذي رزقنا من قبل " قال معناه مثل الذي كان بالأمس وكذا قال الربيع بن أنس .
وقال مجاهد يقولون ما أشبهه به قال ابن جرير وقال آخرون بل تأويل ذلك هذا
الذي رزقنا من قبل ثمار الجنة من قبل هذا لشدة مشابهة بعضه بعض لقوله
تعالى " وأتوا به متشابها " قال سنيد بن داود حدثنا شيخ من أهل المصيصة عن
الأوزاعي عن يحيى بن أبي كثير قال : يؤتى أحدهم بالصحفة من الشيء فيأكل
منها ثم يؤتى بأخرى فيقول هذا الذي أوتينا به من قبل فتقول الملائكة كلا فاللون
واحد والطعم مختلف. وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أبي حدثنا سعيد بن سليمان
حدثنا عامر بن يساف عن يحيى بن أبي كثير قال : عشب الجنة الزعفران وكثبانها
المسك ويطوف عليهم الولدان بالفواكه فيأكلونها ثم يؤتون بمثلها فيقول لهم أهل
الجنة هذا الذي أتيتمونا آنفا به فتقول لهم الولدان كلوا فاللون واحد والطعم
مختلف وهو قول الله تعالى " وأتوا به متشابها " وقال أبو جعفر الرازي عن الربيع
بن أنس عن أبي العالية " وأتوا به متشابها " قال يشبه بعضه بعضا ويختلف في
الطعم قال ابن أبي حاتم وروي عن مجاهد والربيع بن أنس والسدي نحو ذلك وقال
ابن جرير بإسناده عن السدي في تفسيره عن أبي مالك وعن أبي صالح عن ابن
عباس وعن مرة عن ابن مسعود وعن ناس من الصحابة في قوله تعالى" وأتوا به
متشابها " يعني في اللون والمرأى وليس يشتبه في الطعم وهذا اختيار ابن
جرير . وقال عكرمة" وأتوا به متشابها " قال : يشبه ثمر الدنيا غير أن ثمر الجنة
أطيب . وقال سفيان الثوري عن الأعمش عن أبي ظبيان عن ابن عباس لا يشبه
شيء مما في الجنة ما في الدنيا إلا في الأسماء وفي رواية ليس في الدنيا مما
في الجنة إلا الأسماء ورواه ابن جرير من رواية الثوري وابن أبي حاتم من حديث
أبي معاوية كلاهما عن الأعمش به . وقال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم في قوله
تعالى " وأتوا به متشابها " قال يعرفون أسماءه كما كانوا في الدنيا التفاح بالتفاح
والرمان بالرمان قالوا في الجنة هذا الذي رزقنا من قبل في الدنيا وأتوا به متشابها
يعرفونه وليس هو مثله في الطعم. وقوله تعالى " ولهم فيها أزواج مطهرة " قال
ابن أبي طلحة عن ابن عباس مطهرة من القذر والأذى. وقال مجاهد من الحيض
والغائط والبول والنخام والبزاق والمني والولد وقال قتادة مطهرة من الأذى
والمأثم . وفي رواية عنه لا حيض ولا كلف. وروي عن عطاء والحسن والضحاك
وأبي صالح وعطية والسدي نحو ذلك . وقال ابن جرير حدثني يونس بن عبد
الأعلى أنبأنا ابن وهب عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم قال المطهرة التي لا
تحيض قال : وكذلك خلقت حواء عليها السلام فلما عصت قال الله تعالى إني
خلقتك مطهرة وسأدميك كما أدميت هذه الشجرة - وهذا غريب - وقال الحافظ أبو
بكر بن مردويه حدثنا إبراهيم بن محمد حدثني جعفر بن محمد بن حرب وأحمد بن
محمد الخواري قالا : حدثنا محمد بن عبيد الكندي حدثنا عبد الرزاق بن عمر
البزيعي حدثنا عبد الله بن المبارك عن شعبة عن قتادة عن أبي نضرة عن أبي
سعيد عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله تعالى " ولهم فيها أزواج
مطهرة " قال من الحيض والغائط والنخامة والبزاق " . هذا حديث غريب - وقد رواه
الحاكم في مستدركه عن محمد بن يعقوب عن الحسن بن علي بن عفان عن
محمد بن عبيد به . وقال صحيح على شرط الشيخين وهذا الذي ادعاه فيه نظر
فإن عبد الرزاق بن عمر البزيعي هذا قال فيه أبو حاتم بن حبان العبسي لا يجوز
به " قلت " والأظهر أن هذا من كلام قتادة كما تقدم والله أعلم. وقوله تعالى "
وهم فيها خالدون " هذا هو تمام السعادة فإنهم مع هذا النعيم في مقام أمين
من الموت والانقطاع فلا آخر له ولا انقضاء بل في نعيم سرمدي أبدي على الدوام
والله المسئول أن يحشرنا في زمرتهم إنه جواد كريم بر رحيم .
إِنَّ اللَّهَ لَا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلًا مَا بَعُوضَةً فَمَا فَوْقَهَا ۚ فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا
فَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ ۖ وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَيَقُولُونَ مَاذَا أَرَادَ اللَّهُ بِهَٰذَا مَثَلًا ۘ يُضِلُّ
بِهِ كَثِيرًا وَيَهْدِي بِهِ كَثِيرًا ۚ وَمَا يُضِلُّ بِهِ إِلَّا الْفَاسِقِينَ (26)
قال السدي في تفسيره عن أبي مالك وعن أبي صالح عن ابن عباس وعن مرة
عن ابن مسعود وعن ناس من الصحابة لما ضرب الله هذين المثلين للمنافقين
يعني قوله تعالى " مثلهم كمثل الذي استوقد نارا " وقوله " أو كصيب من
السماء " الآيات الثلاث قال المنافقون : الله أعلى وأجل من أن يضرب هذه الأمثال
فأنزل الله هذه الآية إلى قوله تعالى " هم الخاسرون " وقال عبد الرزاق عن معمر
عن قتادة لما ذكر الله تعالى العنكبوت والذباب قال المشركون : ما بال العنكبوت
والذباب يذكران ؟ فأنزل الله " إن الله لا يستحيي أن يضرب مثلا ما بعوضة فما
فوقها " وقال سعيد عن قتادة أي إن الله لا يستحيي من الحق أن يذكر شيئا مما
قل أو كثر وإن الله حين ذكر في كتابه الذباب والعنكبوت قال أهل الضلالة ما أراد
الله من ذكر هذا ؟ فأنزل الله " إن الله لا يستحيي أن يضرب مثلا ما بعوضة فما
فوقها " قلت : العبارة الأولى عن قتادة فيها إشعار أن هذه الآية مكية وليس
كذلك وعبارة رواية سعيد عن قتادة أقرب والله أعلم . وروى ابن جريج عن مجاهد
نحو هذا الثاني عن قتادة : وقال ابن أبي حاتم : روي عن الحسن وإسماعيل بن
أبي خالد نحو قول السدي وقتادة . وقال أبو جعفر الرازي عن الربيع بن أنس في
هذه الآية قال : هذا مثل ضربه الله للدنيا أن البعوضة تحيا ما جاعت فإذا سمنت
ماتت وكذلك مثل هؤلاء القوم الذين ضرب لهم هذا المثل في القرآن إذا امتلئوا من
الدنيا ريا أخذهم الله عند ذلك ثم تلا " فلما نسوا ما ذكروا به فتحنا عليهم أبواب
كل شيء " هكذا رواه ابن جرير ورواه ابن أبي حاتم من حديث أبي جعفر عن
الربيع بن أنس عن أبي العالية بنحوه فالله أعلم فهذا اختلافهم في سبب النزول .
وقد اختار ابن جرير ما حكاه السدي لأنه أمس بالسورة وهو مناسب ومعنى الآية
أنه تعالى أخبر أنه لا يستحيي أي لا يستنكف وقيل لا يخشى أن يضرب مثلا ما
أي مثل كان بأي شيء كان صغيرا كان أو كبيرا وما هاهنا للتقليل وتكون بعوضة
منصوبة على البدل كما تقول لأضربن ضربا ما فيصدق بأدنى شيء أو تكون ما نكرة
موصوفة ببعوضة واختار ابن جرير أن ما موصولة وبعوضة معربة بإعرابها قال : وذلك
سائغ في كلام العرب أنهم يعربون صلة ما ومن بإعرابهما لأنهما يكونان معرفة تارة
ونكرة أخرى كما قال حسان بن ثابت : يكفي بنا فضلا على من غيرنا حب النبي
محمد إيانا قال ويجوز أن تكون بعوضة منصوبة بحذف الجار وتقدير الكلام إن الله لا
يستحيي أن يضرب مثلا ما بين بعوضة إلى ما فوقها وهذا الذي اختاره الكسائي
والفراء وقرأ الضحاك وإبراهيم بن عبلة بعوضة بالرفع قال ابن جني وتكون صلة لما
وحذف العائد كما في قوله " تماما على الذي أحسن " أي على الذي هو
أحسن . وحكى سيبويه : ما أنا بالذي قائل لك شيئا. أي بالذي هو قائل لك شيئا
وقوله تعالى " فما فوقها " فيه قولان أحدهما فما دونها في الصغر والحقارة كما
إذا وصف لك رجل باللؤم والشح فيقول السامع نعم وهو فوق ذلك - يعني فيما
وصفت - وهذا قول الكسائي وأبي عبيد قاله الرازي وأكثر المحققين. وفي
الحديث " لو أن الدنيا تزن عند الله جناح بعوضة لما سقى كافرا منها شربة ماء "
والثاني فما فوقها لما هو أكبر منها لأنه ليس شيء أحقر ولا أصغر من البعوضة
وهذا قول قتادة بن دعامة واختيار ابن جرير فإنه يؤيده ما رواه مسلم عن عائشة
الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال " ما من مسلم يشاك شوكة
فما فوقها إلا كتب له بها درجة ومحيت عنه بها خطيئة" فأخبر أنه لا يستصغر شيئا
يضرب به مثلا ولو كان في الحقارة والصغر كالبعوضة كما لا يستنكف عن خلقها
كذلك لا يستنكف من ضرب المثل بها كما ضرب المثل بالذباب والعنكبوت في
قوله " يا أيها الناس ضرب مثل فاستمعوا له إن الذين تدعون من دون الله لن
يخلقوا ذبابا ولو اجتمعوا له وإن يسلبهم الذباب شيئا لا يستنقذوه منه ضعف
الطالب والمطلوب " وقال " مثل الذين اتخذوا من دون الله أولياء كمثل العنكبوت
اتخذت بيتا وإن أوهن البيوت لبيت العنكبوت لو كانوا يعلمون" وقال تعالى " ألم تر
ر كيف ضرب الله مثلا كلمة طيبة كشجرة طيبة أصلها ثابت وفرعها في السماء
تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها ويضرب الله الأمثال للناس لعلهم يتذكرون ومثل
كلمة خبيثة كشجرة خبيثة اجتثت من فوق الأرض ما لها من قرار يثبت الله الذين
آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة ويضل الله الظالمين ويفعل الله ما
يشاء " وقال تعالى " ضرب الله مثلا عبدا مملوكا لا يقدر على شيء " الآية ثم
قال " وضرب الله مثلا رجلين أحدهما أبكم لا يقدر على شيء وهو كل على مولاه
أينما يوجهه لا يأت بخير هل يستوي هو ومن يأمر بالعدل " الآية كما قال " ضرب
لكم مثلا من أنفسكم هل لكم مما ملكت أيمانكم من شركاء فيما رزقناكم "
الآية . وقال" ضرب الله مثلا رجلا فيه شركاء متشاكسون " الآية. وقال " وتلك
الأمثال نضربها للناس وما يعقلها إلا العالمون " وفي القرآن أمثال كثيرة . قال بعض
السلف إذا سمعت المثل في القرآن فلم أفهمه بكيت على نفسي لأن الله قال "
الأمثال نضربها للناس وما يعقلها إلا العالمون " وقال مجاهد في قوله تعالى " إن
الله لا يستحيي أن يضرب مثلا ما بعوضة فما فوقها " الأمثال صغيرها وكبيرها يؤمن
المؤمنون ويعلمون أنها الحق من ربهم ويهديهم الله بها . وقال قتادة " فأما الذين
آمنوا فيعلمون أنه الحق من ربهم " أي يعلمون أنه كلام الرحمن وأنه من عند الله
وروي عن مجاهد والحسن والربيع بن أنس نحو ذلك وقال أبو العالية " فأما الذين
آمنوا فيعلمون أنه الحق من ربهم " يعني هذا المثل " وأما الذين كفروا فيقولون
ماذا أراد الله بهذا مثلا " كما قال في سورة المدثر " وما جعلنا أصحاب النار إلا
ملائكة وما جعلنا عدتهم إلا فتنة للذين كفروا ليستيقن الذين أوتوا الكتاب ويزداد
الذين آمنوا إيمانا ولا يرتاب الذين أوتوا الكتاب والمؤمنون وليقول الذين في قلوبهم
مرض والكافرون ماذا أراد الله بهذا مثلا كذلك يضل الله من يشاء ويهدي من يشاء
وما يعلم جنود ربك إلا هو " وكذلك قال هاهنا " يضل به كثيرا ويهدي به كثيرا وما
يضل به إلا الفاسقين " قال السدي في تفسيره عن أبي مالك وعن أبي صالح عن
ابن عباس وعن مرة عن ابن مسعود وعن ناس من الصحابة يضل به كثيرا يعني به
المنافقين ويهدي به كثيرا يعني به المؤمنين فيزيد هؤلاء ضلالة إلى ضلالتهم
لتكذيبهم بما قد علموه حقا يقينا من المثل الذي ضربه الله بما ضرب لهم وأنه لما
ضرب له موافق فذلك إضلال الله إياهم به ويهدي به يعني المثل كثيرا من أهل
الإيمان والتصديق فيزيدهم هدى إلى هداهم وإيمانا إلى إيمانهم لتصديقهم بم
قد علموه حقا يقينا أنه موافق لما ضربه الله له مثلا وإقرارهم به وذلك هداية من
الله لهم به " وما يضل به إلا الفاسقين " قال هم المنافقون وقال أبو العالية " وما
يضل به إلا الفاسقين " قال هم أهل النفاق . وكذا قال ربيع بن أنس وقال ابن
جريج عن مجاهد عن ابن عباس " وما يضل به إلا الفاسقين " قال يقول يعرفه
الكافرون فيكفرون به . وقال قتادة " وما يضل به إلا الفاسقين" فسقوا فأضلهم الله
على فسقهم . وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أبي عن إسحاق بن سليمان عن أبي
سنان عن عمرو بن مرة عن مصعب بن سعد عن سعد " يضل به كثيرا " يعني
الخوارج .
| |
|
| |
نور الجنه خادم رايه التوحيد متميز
عدد المساهمات : 1390 تاريخ التسجيل : 16/06/2010 الموقع :
| |
| |
عفاف كامل خادم رايه التوحيد متميز
عدد المساهمات : 616 تاريخ التسجيل : 06/06/2010
| موضوع: رد: فى رحاب حفظ وتفسير ايتين يوميا الأربعاء سبتمبر 08, 2010 1:06 pm | |
| السلام عليكم ورحمة الله وبركاتة
الَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ
فِي الْأَرْضِ ۚ أُولَٰئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ (27) كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَكُنْتُمْ أَمْوَاتًا
فَأَحْيَاكُمْ ۖ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (28)
التفسير بن كثير
الَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ
وَيُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ ۚ أُولَٰئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ (27)
وقال شعبة عن عمرو بن مرة عن مصعب بن سعد قال : سألت أبي فقلت قوله
تعالى " الذين ينقضون عهد الله من بعد ميثاقه " إلى آخر الآية فقال : هم الحرورية
وهذا الإسناد وإن صح عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه فهو تفسير على
المعنى لا أن الآية أريد منها التنصيص على الخوارج الذين خرجوا على علي
بالنهروان فإن أولئك لم يكونوا حال نزول الآية وإنما هم داخلون بوصفهم فيها مع
من دخل لأنهم سموا خوارج لخروجهم عن طاعة الإمام والقيام بشرائع الإسلام
والفاسق في اللغة هو الخارج عن الطاعة أيضا . وتقول العرب فسقت الرطبة إذا
خرجت من قشرتها ولهذا يقال للفأرة فويسقة لخروجها عن جحرها للفساد .
وثبت في الصحيحين عن عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال " خمس
فواسق يقتلن في الحل والحرم الغراب والحدأة والعقرب والفأرة والكلب العقور "
فالفاسق يشمل الكافر والعاصي ولكن فسق الكافر أشد وأفحش والمراد من
الآية الفاسق الكافر والله أعلم بدليل أنه وصفهم بقوله تعالى" الذين ينقضون عهد
الله من بعد ميثاقه ويقطعون ما أمر الله به أن يوصل ويفسدون في الأرض أولئك
هم الخاسرون " وهذه الصفات صفات الكفار المباينة لصفات المؤمنين كما قال
تعالى في سورة الرعد" أفمن يعلم أنما أنزل إليك من ربك الحق كمن هو أعمى
إنما يتذكر أولو الألباب الذين يوفون بعهد الله ولا ينقضون الميثاق والذين يصلون ما
أمر الله به أن يوصل ويخشون ربهم ويخافون سوء الحساب " الآيات إلى أن قال "
والذين ينقضون عهد الله من بعد ميثاقه ويقطعون ما أمر الله به أن يوصل ويفسدون
في الأرض أولئك لهم اللعنة ولهم سوء الدار " وقد اختلف أهل التفسير في
معنى العهد الذي وصف هؤلاء الفاسقين بنقضه فقال بعضهم : هو وصية الله إلى
خلقه وأمره إياهم بما أمرهم به من طاعته ونهيه إياهم عما نهاهم عنه من
معصيته في كتبه وعلى لسان رسله ونقضهم ذلك هو تركهم العمل به وقال
آخرون بل هي في كفار أهل الكتاب والمنافقين منهم وعهد الله الذي نقضوه هو
ما أخذه الله عليهم في التوراة من العمل بما فيها واتباع محمد صلى الله عليه
وسلم إذا بعث والتصديق به وبما جاء به من عند ربهم ونقضهم ذلك هو جحودهم
به بعد معرفتهم بحقيقته وإنكارهم ذلك وكتمانهم علم ذلك عن الناس بعد
إعطائهم الله من أنفسهم الميثاق ليبيننه للناس ولا يكتمونه فأخبر تعالى أنهم
نبذوه وراء ظهورهم واشتروا به ثمنا قليلا . وهذا اختيار ابن جرير رحمه الله وهو
قول مقاتل بن حيان . وقال آخرون بل عنى بهذه الآية جميع أهل الكفر والشرك
والنفاق وعهده إلى جميعهم في توحيده ما وضع لهم من الأدلة الدالة على
ربوبيته وعهده إليهم في أمره ونهيه ما احتج به لرسله من المعجزات التي لا يقدر
أحد من الناس غيرهم أن يأتي بمثله الشاهدة لهم على صدقهم قالوا ونقضهم
ذلك تركهم الإقرار بما قد تبينت لهم صحته بالأدلة وتكذيبهم الرسل والكتب مع
علمهم أن ما أتوا به حق . وروي عن مقاتل بن حيان أيضا نحو هذا وهو حسن وإليه
مال الزمخشري فإنه قال فإن قلت : فما المراد بعهد الله ؟ قلت ما ركز في
عقولهم من الحجة على التوحيد كأنه أمر وصاهم به ووثقه عليهم وهو معنى قوله
تعالى " وأشهدهم على أنفسهم ألست بربكم قالوا بلى " إذا أخذ الميثاق عليهم
من الكتب المنزلة عليهم كقوله " وأوفوا بعهدي أوف بعهدكم " وقال آخرون العهد
الذي ذكره تعالى هو العهد الذي أخذه عليهم حين أخرجهم من صلب آدم الذي
وصف في قوله " وإذا أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم وأشهدهم على
أنفسهم ألست بربكم قالوا بلى شهدنا " الآيتين . ونقضهم ذلك تركهم الوفاء به
وهكذا روي عن مقاتل بن حيان أيضا حكى هذه الأقوال ابن جرير في تفسيره .
وقال أبو جعفر الرازي عن الربيع بن أنس عن أبي العالية في قوله تعالى " الذين
ينقضون عهد الله من بعد ميثاقه - إلى قوله - أولئك هم الخاسرون " قال هي
ست خصال من المنافقين إذا كانت فيهم الظهرة على الناس أظهروا هذه
الخصال : إذا حدثوا كذبوا وإذا وعدوا أخلفوا وإذا اؤتمنوا خانوا ونقضوا عهد الله من
بعد ميثاقه وقطعوا ما أمر الله به أن يوصل وأفسدوا في الأرض وإذا كانت الظهرة
عليهم أظهروا الخصال الثلاث إذا حدثوا كذبوا وإذا وعدوا أخلفوا وإذا اؤتمنوا خانوا .
وكذا قال الربيع بن أنس أيضا وقال السدي في تفسيره بإسناده قوله تعالى "
الذين ينقضون عهد الله من بعد ميثاقه" قال هو ما عهد إليهم في القرآن فأقروا به
ثم كفروا فنقضوه . وقوله " ويقطعون ما أمر الله به أن يوصل " قيل المراد به صلة
الأرحام والقرابات كما فسره قتادة كقوله تعالى " فهل عسيتم إن توليتم أن
تفسدوا في الأرض وتقطعوا أرحامكم" ورجحه ابن جرير وقيل المراد أعم من ذلك
فكل ما أمر الله بوصله وفعله فقطعوه وتركوه . وقال مقاتل بن حيان في قوله
تعالى " أولئك هم الخاسرون" قال في الآخرة وهذا كما قال تعالى " أولئك لهم
اللعنة ولهم سوء الدار " وقال الضحاك عن ابن عباس كل شيء نسبه الله إلى غير
أهل الإسلام من اسم مثل خاسر فإنما يعني به الكفر وما نسبه إلى أهل
الإسلام فإنما يعني به الذنب . وقال ابن جرير في قوله تعالى " أولئك هم
الخاسرون " الخاسرون جمع خاسر وهم الناقصون أنفسهم حظوظهم بمعصيتهم
الله من رحمته كما يخسر الرجل في تجارته بأن يوضع من رأس ماله في بيعه
وكذلك المنافق والكافر خسر بحرمان الله إياه رحمته التي خلقها لعباده في
القيامة أحوج ما كانوا إلى رحمته يقال منه خسر الرجل يخسر خسرا وخسرانا
وخسارا كما قال جرير بن عطية : إن سليطا في الخسار أنه أولاد قوم خلقوا أقنه
كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَكُنْتُمْ أَمْوَاتًا فَأَحْيَاكُمْ ۖ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ
(28)
يقول تعالى محتجا على وجوده وقدرته وأنه الخالق المتصرف في عباده كيف
تكفرون بالله أي كيف تجحدون وجوده أو تعبدون معه غيره " وكنتم أمواتا فأحياكم "
أي وقد كنتم عدما فأخرجكم إلى الوجود كما قال تعالى " أم خلقوا من غير شيء
أم هم الخالقون أم خلقوا السماوات والأرض بل لا يوقنون " وقال تعالى " هل أتى
على الإنسان حين من الدهر لم يكن شيئا مذكورا " والآيات في هذا كثيرة وقال
سفيان الثوري عن أبي إسحاق عن أبي الأحوص عن عبد الله بن مسعود رضي
الله عنه " قالوا ربنا أمتنا اثنتين وأحييتنا اثنتين فاعترفنا بذنوبنا " قال هي التي
في البقرة " وكنتم أمواتا فأحياكم ثم يميتكم ثم يحييكم " وقال ابن جريج عن
عطاء عن ابن عباس : كنتم أمواتا فأحياكم أمواتا في أصلاب آبائكم لم تكونوا شيئا
حتى خلقكم ثم يميتكم موتة الحق ثم يحييكم حين يبعثكم قال وهي مثل قوله
تعالى " أمتنا اثنتين وأحييتنا اثنتين " : وقال الضحاك عن ابن عباس في قوله
تعالى " ربنا أمتنا اثنتين وأحييتنا اثنتين" قال كنتم ترابا قبل أن يخلقكم فهذه
ميتة ثم أحياكم فخلقكم فهذه حياة ثم يميتكم فترجعون إلى القبور . فهذه ميتة
أخرى ثم يبعثكم يوم القيامة فهذه حياة أخرى - فهذه ميتتان وحياتان فهو كقوله "
كيف تكفرون بالله وكنتم أمواتا فأحياكم ثم يميتكم ثم يحييكم " وهكذا روي عن
السدي بسنده عن أبي مالك وعن أبي صالح عن ابن عباس وعن مرة عن ابن
مسعود وعن ناس من الصحابة وعن أبي العالية والحسن ومجاهد وقتادة وأبي
صالح والضحاك وعطاء الخراساني نحو ذلك وقال الثوري عن السدي عن أبي
صالح " كيف تكفرون بالله وكنتم أمواتا فأحياكم ثم يميتكم ثم يحييكم ثم إليه
ترجعون " قال يحييكم في القبر ثم يميتكم وقال ابن جرير عن يونس عن ابن وهب
عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم : قال خلقهم في ظهر آدم ثم أخذ عليهم
الميثاق ثم أماتهم ثم خلقهم في الأرحام ثم أماتهم ثم أحياهم يوم القيامة . وذلك
كقوله تعالى " قالوا ربنا أمتنا اثنتين وأحييتنا اثنتين " وهذا غريب والذي قبله . والصحيح ما تقدم عن ابن مسعود وابن عباس وأولئك الجماعة من التابعين وهو
كقوله تعالى" قل الله يحييكم ثم يميتكم ثم يجمعكم إلى يوم القيامة لا ريب فيه "
الآية كما قال تعالى في الأصنام " أموات غير أحياء وما يشعرون " الآية وقال " وآية
لهم الأرض الميتة أحييناها وأخرجنا منها حبا فمنه يأكلون " .
| |
|
| |
عفاف كامل خادم رايه التوحيد متميز
عدد المساهمات : 616 تاريخ التسجيل : 06/06/2010
| موضوع: رد: فى رحاب حفظ وتفسير ايتين يوميا الخميس سبتمبر 09, 2010 7:29 pm | |
| السلام عليكم ورحمة الله وبركاتة
هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا ثُمَّ اسْتَوَىٰ إِلَى السَّمَاءِ فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ
سَمَاوَاتٍ ۚ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (29)
وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً ۖ قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ
فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ ۖ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ
(30)
التفسير لأبن كثير
هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا ثُمَّ اسْتَوَىٰ إِلَى السَّمَاءِ فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ
سَمَاوَاتٍ ۚ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (29)
لما ذكر تعالى دلالة من خلقهم وما يشاهدونه من أنفسهم ذكر دليلا آخر مما
يشاهدونه من خلق السماوات والأرض فقال " هو الذي خلق لكم ما في الأرض
جميعا ثم استوى إلى السماء فسواهن سبع سموات " أي قصد إلى السماء
والاستواء هاهنا مضمن معنى القصد والإقبال لأنه عدي بإلى فسواهن أي فخلق
السماء سبعا والسماء هاهنا اسم جنس فلهذا قال " فسواهن سبع سموات
وهو بكل شيء عليم " أي وعلمه محيط بجميع ما خلق كما قال " ألا يعلم من
خلق " وتفصيل هذه الآية في سورة حم فصلت وهو قوله تعالى " قل أئنكم
لتكفرون بالذي خلق الأرض في يومين وتجعلون له أندادا ذلك رب العالمين وجعل
فيها رواسي من فوقها وبارك فيها وقدر فيها أقواتها في أربعة أيام سواء للسائلين
ثم استوى إلى السماء وهي دخان فقال لها وللأرض ائتيا طوعا أو كرها قالتا أتينا
طائعين فقضاهن سبع سموات في يومين وأوحى في كل سماء أمرها وزينا
السماء الدنيا بمصابيح وحفظا ذلك تقدير العزيز العليم " ففي هذا دلالة على أنه
تعالى ابتدأ بخلق الأرض أولا ثم خلق السماوات سبعا وهذا شأن البناء أن يبدأ
بعمارة أسافله ثم أعاليه بعد ذلك وقد صرح المفسرون بذلك كما سنذكره بعد هذا
إن شاء الله . فأما قوله تعالى " أأنتم أشد خلقا أم السماء بناها رفع سمكها
فسواها وأغطش ليلها وأخرج ضحاها والأرض بعد ذلك دحاها أخرج منها ماءها
ومرعاها والجبال أرساها متاعا لكم ولأنعامكم " فقد قيل إن ثم هاهنا إنما هي
لعطف الخبر على الخبر لا لعطف الفعل على الفعل كما قال الشاعر : قل لمن
ساد ثم ساد أبوه ثم قد ساد قبل ذلك جده وقيل إن الدحي كان بعد خلق
السماوات والأرض رواه علي بن أبي طلحة عن ابن عباس . قال السدي في
تفسيره عن أبي مالك وعن أبي صالح عن ابن عباس وعن مرة عن ابن مسعود
وعن ناس من الصحابة " هو الذي خلق لكم ما في الأرض جميعا ثم استوى إلى
السماء فسواهن سبع سموات وهو بكل شيء عليم " قال إن الله تبارك وتعالى
كان عرشه على الماء ولم يخلق شيئا غير ما خلق قبل فلما أراد أن يخلق الخلق
أخرج من الماء دخانا فارتفع فوق الماء فسما عليه فسماه سماء ثم أيبس الماء
فجعله أرضا واحدة ثم فتقها فجعلها سبع أرضين في يومين في الأحد والاثنين
فخلق الأرض على حوت والحوت هو الذي ذكره في القرآن" ن والقلم " والحوت
في الماء والماء على ظهر صفاة والصفاة على ظهر ملك والملك على صخرة
والصخرة في الريح وهي الصخرة التي ذكرها لقمان ليست في السماء ولا في
الأرض فتحرك الحوت فاضطرب فتزلزلت الأرض فأرسى عليها الجبال فقرت فالجبال
تفخر على الأرض فذلك قوله تعالى " وجعلنا في الأرض رواسي أن تميد بهم "
وخلق الجبال فيها وأقوات أهلها وشجرها وما ينبغي لها في يومين في الثلاثاء
والأربعاء وذلك حين يقول " قل أئنكم لتكفرون بالذي خلق الأرض في يومين
وتجعلون له أندادا ذلك رب العالمين وجعل فيها رواسي من فوقها وبارك فيها "
يقول أنبت شجرها " وقدر فيها أقواتها لأهلها في أربعة أيام سواء للسائلين " يقول
من سأل فهكذا الأمر " ثم استوى إلى السماء وهي دخان " وذلك الدخان من
تنفس الماء حين تنفس فجعلها سماء واحدة ثم فتقها فجعلها سبع سموات في
يومين في الخميس والجمعة وإنما سمي يوم الجمعة لأنه جمع فيه خلق
السماوات والأرض " وأوحى في كل سماء أمرها " قال خلق الله في كل سماء
خلقها من الملائكة والخلق الذي فيها من البحار وجبال البرد ومما لا يعلم ثم زين
السماء الدنيا بالكواكب فجعلها زينة وحفظا تحفظ من الشياطين فلما فرغ من
خلق ما أحب استوى على العرش فذلك حين يقول " خلق السماوات والأرض في
ستة أيام ثم استوى على العرش" ويقول " كانتا رتقا ففتقناهما وجعلنا من الماء
كل شيء حي " وقال ابن جرير حدثني المثنى حدثنا عبد الله بن صالح حدثني
أبو معشر سعيد بن أبي سعيد عن عبد الله بن سلام أنه قال : إن الله بدأ الخلق
يوم الأحد فخلق الأرضين في الأحد والاثنين وخلق الأقوات والرواسي في الثلاثاء
والأربعاء وخلق السماوات في الخميس والجمعة وفرغ في آخر ساعة من يوم
الجمعة فخلق فيها آدم على عجل فتلك الساعة التي تقوم فيها الساعة . وقال
مجاهد في قوله تعالى " هو الذي خلق لكم ما في الأرض جميعا " قال خلق الله
الأرض قبل السماء فلما خلق الأرض ثار منها دخان فذلك حين يقول " ثم استوى
إلى السماء " وهي دخان " فسواهن سبع سموات " قال بعضهم فوق بعض
وسبع أرضين يعني بعضها تحت بعض وهذه الآية دالة على أن الأرض خلقت قبل
السماء كما قال في آية فصلت " قل أئنكم لتكفرون بالذي خلق الأرض في يومين
وتجعلون له أندادا ذلك رب العالمين وجعل فيها رواسي من فوقها وبارك فيها وقدر
فيها أقواتها في أربعة أيام سواء للسائلين ثم استوى إلى السماء وهي دخان
فقال لها وللأرض ائتيا طوعا أو كرها قالتا أتينا طائعين فقضاهن سبع سموات في
يومين وأوحى في كل سماء أمرها وزينا السماء الدنيا بمصابيح وحفظا ذلك تقدير
العزيز العليم " فهذه وهذه دالتان على أن الأرض خلقت قبل السماء وهذا ما لا
أعلم فيه نزاعا بين العلماء إلا ما نقله ابن جرير عن قتادة أنه زعم أن السماء
خلقت قبل الأرض وقد توقف في ذلك القرطبي في تفسيره لقوله تعالى " أأنتم
أشد خلقا أم السماء بناها رفع سمكها فسواها وأغطش ليلها وأخرج ضحاها
والأرض بعد ذلك دحاها أخرج منها ماءها ومرعاها والجبال أرساها " قالوا فذكر
خلق السماء قبل الأرض . وفي صحيح البخاري أن ابن عباس سئل عن هذا بعينه
فأجاب بأن الأرض خلقت قبل السماء وأن الأرض إنما دحيت بعد خلق السماء
وكذلك أجاب غير واحد من علماء التفسير قديما وحديثا وقد حررنا ذلك في سورة
النازعات وحاصل ذلك أن الدحي مفسر بقوله تعالى " والأرض بعد ذلك دحاها
أخرج منها ماءها ومرعاها والجبال أرساها " ففسر الدحي بإخراج ما كان مودعا
فيها بالقوة إلى الفعل لما أكملت سورة المخلوقات الأرضية ثم السماوية دحى
بعد ذلك الأرض فأخرجت ما كان مودعا فيها من المياه فنبتت النباتات على اختلاف
أصنافها وصفاتها وألوانها وأشكالها وكذلك جرت هذه الأفلاك فدارت بما فيها من
الكواكب الثوابت والسيارة والله سبحانه وتعالى أعلم. وقد ذكر ابن أبي حاتم وابن
مردويه في تفسيره هذه الآية الحديث الذي رواه مسلم والنسائي في التفسير
أيضا من رواية ابن جريج قال أخبرني إسماعيل بن أمية عن أيوب بن خالد عن عبد
الله بن رافع مولى أم سلمة عن أبي هريرة قال أخذ رسول الله صلى الله عليه
وسلم بيدي فقال " خلق الله التربة يوم السبت وخلق الجبال فيها يوم الأحد
وخلق الشجر فيها يوم الاثنين وخلق المكروه يوم الثلاثاء وخلق النور يوم الأربعاء
وبث فيها الدواب يوم الخميس وخلق آدم بعد العصر يوم الجمعة من آخر ساعة من
ساعات الجمعة فيما بين العصر إلى الليل " وهذا الحديث من غرائب صحيح
مسلم وقد تكلم عليه علي بن المديني والبخاري وغير واحد من الحفاظ وجعلوه
من كلام كعب وأن أبا هريرة إنما سمعه من كلام كعب الأحبار وإنما اشتبه على
بعض الرواة فجعلوه مرفوعا وقد حرر ذلك البيهقي .
وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً ۖ قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ
فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ ۖ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ
(30)
يخبر تعالى بامتنانه على بني آدم بتنويهه بذكرهم في الملأ الأعلى قبل إيجادهم
فقال تعالى " وإذ قال ربك للملائكة" أي واذكر يا محمد إذ قال ربك للملائكة
واقصص على قومك ذلك حكى ابن جرير عن بعض أهل العربية وهو أبو عبيدة أنه
زعم أن إذ هاهنا زائدة وأن تقدير الكلام وقال ربك ورده ابن جرير قال القرطبي
وكذا رده جميع المفسرين حتى قال الزجاج هذا اجتراء من أبي عبيدة " إني
جاعل في الأرض خليفة " أي قوما يخلف بعضهم بعضا قرنا بعد قرن وجيلا بعد جيل
كما قال تعالى " هو الذي جعلكم خلائف الأرض " وقال " ويجعلكم خلفاء الأرض"
وقال " ولو نشاء لجعلنا منكم ملائكة في الأرض يخلفون " وقال " فخلف من بعدهم
خلف " وقرئ في الشاذ " إني جاعل في الأرض خليفة " حكاها الزمخشري
وغيره ونقل القرطبي عن زيد بن علي وليس المراد هاهنا بالخليفة آدم عليه
السلام فقط كما يقوله طائفة من المفسرين وعزاه القرطبي إلى ابن عباس وابن
مسعود وجميع أهل التأويل وفي ذلك نظر بل الخلاف في ذلك كثير حكاه الرازي
في تفسيره وغيره والظاهر أنه لم يرد آدم عينا إذ لو كان ذلك لما حسن قول
الملائكة " أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء " فإنهم أرادوا أن من هذا
الجنس من يفعل ذلك وكأنهم علموا ذلك بعلم خاص أو بما فهموه من الطبيعة
البشرية فإنه أخبرهم أنه يخلق هذا الصنف من صلصال من حمإ مسنون أو فهموا
من الخليفة أنه الذي يفصل بين الناس ما يقع بينهم من المظالم ويردعهم عن
المحارم والمآثم قاله القرطبي أو أنهم قاسوهم على من سبق كما سنذكر أقوال
المفسرين في ذلك وقول الملائكة هذا ليس على وجه الاعتراض على الله ولا
على وجه الحسد لبني آدم كما قد يتوهمه بعض المفسرين وقد وصفهم الله
تعالى بأنهم لا يسبقونه بالقول أي لا يسألونه شيئا لم يأذن لهم فيه وهاهنا لما
أعلمهم بأنه سيخلق في الأرض خلقا قال قتادة وقد تقدم إليهم أنهم يفسدون
فيها فقالوا " أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء" الآية وإنما هو سؤال
استعلام واستكشاف عن الحكمة في ذلك يقولون يا ربنا ما الحكمة في خلق
هؤلاء مع أن منهم من يفسد في الأرض ويسفك الدماء فإن كان المراد عبادتك
فنحن نسبح بحمدك ونقدس لك أي نصلي لك كما سيأتي . أي ولا يصدر منا
شيء من ذلك وهلا وقع الاقتصار علينا ؟ قال الله تعالى مجيبا لهم عن هذا
السؤال " إني أعلم ما لا تعلمون " أي أعلم من المصلحة الراجحة في خلق هذا
الصنف على المفاسد التي ذكرتموها ما لا تعلمون أنتم فإني سأجعل فيهم
الأنبياء وأرسل فيهم الرسل ويوجد منهم الصديقون والشهداء والصالحون والعباد
والزهاد والأولياء والأبرار والمقربون والعلماء العاملون والخاشعون والمحبون له
تبارك وتعالى المتبعون رسله صلوات الله وسلامه عليهم وقد ثبت في الصحيح أن
الملائكة إذا صعدت إلى الرب تعالى بأعمال عباده يسألهم وهو أعلم كيف تركتم
عبادي ؟ فيقولون أتيناهم وهم يصلون وتركناهم وهم يصلون . وذلك لأنهم
يتعاقبون فينا ويجتمعون في صلاة الصبح وفي صلاة العصر فيمكث هؤلاء ويصعد
أولئك بالأعمال كما قال عليه الصلاة والسلام " يرفع إليه عمل الليل قبل النهار
وعمل النهار قبل الليل " فقولهم أتيناهم وهم يصلون وتركناهم وهم يصلون من
تفسير قوله لهم " إني أعلم ما لا تعلمون " وقيل معنى قوله جوابا لهم " إني
أعلم ما لا تعلمون " إني لي حكمة مفصلة في خلق هؤلاء والحالة ما ذكرتم لا
تعلمونها وقيل إنه جواب " ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك " فقال " إني أعلم ما لا
تعلمون " أي من وجود إبليس بينكم وليس هو كما وصفتم أنفسكم به . وقيل بل
تضمن قولهم " أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ونحن نسبح بحمدك
ونقدس لك " طلبا منهم أن يسكنوا الأرض بدل بني آدم فقال الله تعالى لهم " إني
أعلم ما لا تعلمون " من أن بقاءكم في السماء أصلح لكم وأليق بكم . ذكرها
الرازي مع غيرها من الأجوبة والله أعلم. " ذكر أقوال المفسرين ببسط ما ذكرناه "
قال ابن جرير : حدثني القاسم بن الحسن حدثني الحجاج عن جرير بن حازم
ومبارك عن الحسن وأبي بكر عن الحسن وقتادة قالوا : قال الله للملائكة إني
جاعل في الأرض خليفة قال لهم إني فاعل هذا ومعناه أنه أخبرهم بذلك وقال
السدي استشار الملائكة في خلق آدم رواه ابن أبي حاتم وقال وروي عن قتادة
نحوه وهذه العبارة إن لم ترجع إلى معنى الإخبار ففيها تساهل وعبارة الحسن
وقتادة في رواية ابن جرير أحسن والله أعلم في الأرض قال ابن أبي حاتم : حدثنا
أبي حدثنا أبو سلمة حدثنا حماد بن عطاء بن السائب عن عبد الرحمن بن سابط
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال " دحيت الأرض من مكة وأول من طاف
بالبيت الملائكة فقال الله إني جاعل في الأرض خليفة يعني مكة " وهذا مرسل
وفي سنده ضعف وفيه مدرج وهو أن المراد بالأرض مكة والله أعلم فإن الظاهر أن
المراد بالأرض أعم من ذلك خليفة قال السدي في تفسيره عن أبي مالك وعن
أبي صالح عن ابن عباس وعن مرة عن ابن مسعود وعن ناس من الصحابة إن الله
تعالى قال للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة . قالوا : ربنا وما يكون ذاك
الخليفة ؟ قال : يكون له ذرية يفسدون في الأرض ويتحاسدون ويقتل بعضهم
بعضا. قال ابن جرير فكان تأويل الآية على هذا إني جاعل في الأرض خليفة مني
يخلفني في الحكم بالعدل بين خلقي وإن ذلك الخليفة هو آدم ومن قام مقامه
في طاعة الله والحكم بالعدل بين خلقه وأما الإفساد وسفك الدماء بغير حقها
فمن غير خلفائه : قال ابن جرير : وإنما معنى الخلافة التي ذكرها إنما هي خلافة
قرن منهم قرنا . قال : والخليفة الفعلية من قولك خلف فلان فلانا في هذا الأثر
إذا قام مقامه فيه بعده كما قال تعالى " ثم جعلناكم خلائف في الأرض من بعدهم
لننظر كيف تعملون " ومن ذلك قيل للسلطان الأعظم خليفة لأنه خلف الذي كان
قبله فقام بالأمر فكان منه خلفا قال : وكان محمد بن إسحاق يقول في قوله
تعالى " إني جاعل في الأرض خليفة " يقول ساكنا وعامرا يعمرها ويسكنها خلفا
ليس منكم : قال ابن حرير : وحدثنا أبو كريب حدثنا عثمان بن سعيد حدثنا بشر
بن عمارة عن أبي روق عن الضحاك عن ابن عباس قال : إن أول من سكن الأرض
الجن فأفسدوا فيها وسفكوا فيها الدماء وقتل بعضهم بعضا قال فبعث الله إليهم
إبليس فقتلهم إبليس ومن معه حتى ألحقهم بجزائر البحور وأطراف الجبال ثم
خلق آدم فأسكنه إياها فلذلك قال " إني جاعل في الأرض خليفة " وقال سفيان
الثوري عن عطاء بن السائب عن ابن سابط " إني جاعل في الأرض خليفة قالوا
أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء " قال : يعنون به بني آدم . وقال عبد
الرحمن بن زيد بن أسلم : قال الله للملائكة إني أريد أن أخلق في الأرض خلقا
وأجعل فيها خليفة وليس لله عز وجل خلق إلا الملائكة والأرض وليس فيها خلق .
قالوا : أتجعل فيها من يفسد فيها. وقد تقدم ما رواه السدي عن ابن عباس وابن
مسعود وغيرهما من الصحابة أن الله أعلم الملائكة بما تفعله ذرية آدم فقالت
الملائكة ذلك وتقدم آنفا ما رواه الضحاك عن ابن عباس أن الجن أفسدوا في
الأرض قبل بني آدم فقالت الملائكة ذلك فقاسوا هؤلاء بأولئك . وقال ابن أبي
حاتم : حدثنا أبي حدثنا على بن محمد الطنافسي حدثنا أبو معاوية عن الأعمش
عن بكير بن الأخنس عن مجاهد عن عبد الله بن عمرو قال : كان الجن بنو الجان
في الأرض قبل أن يخلق آدم بألفي سنة فأفسدوا في الأرض وسفكوا الدماء
فبعث الله جندا من الملائكة فضربوهم حتى ألحقوا بجزائر البحور فقال الله
للملائكة : " إني جاعل في الأرض خليفة قالوا أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك
الدماء " قال : إني أعلم ما لا تعلمون . وقال أبو جعفر الرازي عن الربيع بن أنس
عن أبي العالية في قوله تعالى " إني جاعل في الأرض خليفة - إلى قوله - أعلم
ما تبدون وما كنتم تكتمون " قال : خلق الله الملائكة يوم الأربعاء وخلق الجن يوم
الخميس وخلق آدم يوم الجمعة فكفر قوم من الجن فكانت الملائكة تهبط إليهم
في الأرض فتقاتلهم ببغيهم وكان الفساد في الأرض فمن ثم قالوا : أتجعل فيها
من يفسد فيها كما أفسدت الجن ويسفك الدماء كما سفكوا . قال ابن أبي حاتم :
وحدثنا الحسن بن محمد بن الصباح حدثنا سعيد بن سليمان حدثنا مبارك بن
فضالة أخبرنا الحسن قال : قال الله للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة قال
لهم إني فاعل فآمنوا بربهم فعلمهم علما وطوى عنهم علما علمه ولم يعلموه .
فقالوا بالعلم الذي علمهم أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ؟ قال إني
أعلم ما لا تعلمون قال الحسن إن الجن كانوا في الأرض يفسدون ويسفكون الدماء
ولكن جعل الله في قلوبهم أن ذلك سيكون فقالوا بالقول الذي علمهم . وقال عبد
الرزاق عن معمر عن قتادة في قوله " أتجعل فيها من يفسد فيها " كان الله
أعلمهم أنه إذا كان في الأرض خليفة أفسدوا فيها وسفكوا الدماء فذلك حين
قالوا أتجعل فيها من يفسد فيها . وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أبي حدثنا هشام
الرازي حدثنا ابن المبارك عن معروف يعني ابن خربوذ المكي عمن سمع أبا جعفر
محمد بن علي يقول السجل ملك وكان هاروت وماروت من أعوانه وكان له كل يوم
ثلاث لمحات في أم الكتاب فنظر نظرة لم تكن له فأبصر فيها خلق آدم وما كان
فيه من الأمور فأسر ذلك إلى هاروت وماروت وكانا من أعوانه فلما قال تعالى" إني
جاعل في الأرض خليفة قالوا أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء " قالا
ذلك استطالة على الملائكة . وهذا أثر غريب وبتقدير صحته إلى أبي جعفر محمد
بن علي بن الحسن الباقر فهو نقله عن أهل الكتاب وفيه نكارة توجب رده والله
أعلم ومقتضاه أن الذين قالوا ذلك إنما كانوا اثنين فقط وهو خلاف السياق وأغرب
منه ما رواه ابن أبي حاتم أيضا بحيث قال : حدثنا أبي حدثنا هشام بن أبي عبيد
الله حدثنا عبد الله بن يحيى بن أبي كثير قال : سمعت أبي يقول إن الملائكة
الذين قالوا " أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ونحن نسبح بحمدك
ونقدس لك " كانوا عشرة آلاف فخرجت نار من عند الله فأحرقتهم وهذا أيضا
إسرائيلي منكر كالذي قبله والله أعلم . قال ابن جريج إنما تكلموا بما أعلمهم الله
أنه كائن من خلق آدم فقالوا أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء . قال ابن
جرير : وقال بعضهم إنما قالت الملائكة ما قالت أتجعل فيها من يفسد فيها
ويسفك الدماء لأن الله أذن لهم في السؤال عن ذلك بعد ما أخبرهم أن ذلك كائن
من بني آدم فسألته الملائكة فقالت على التعجب منها وكيف يعصونك يا رب وأنت
خالقهم فأجابهم ربهم " إني أعلم ما لا تعلمون " يعني أن ذلك كائن منهم وإن لم
تعلموه أنتم ومن بعض ما ترونه لي طائعا. قال : وقال بعضهم ذلك من الملائكة
على وجه الاسترشاد عما لم يعلموا من ذلك فكأنهم قالوا يا رب خبرنا - مسألة
استخبار منهم لا على وجه الإنكار - واختاره ابن جرير وقال سعيد عن قتادة قوله
تعالى" وإذ قال ربك للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة" قال استشار الملائكة
في خلق آدم فقالوا أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء - وقد علمت
الملائكة أنه لا شيء أكره عند الله من سفك الدماء والفساد في الأرض - ونحن
نسبح بحمدك ونقدس لك . قال إني أعلم ما لا تعلمون . فكان في علم الله أنه
سيكون من تلك الخليقة أنبياء ورسل وقوم صالحون وساكنو الجنة قال وذكر لنا
عن ابن عباس أنه كان يقول : إن الله لما أخذ في خلق آدم عليه السلام قالت
الملائكة ما الله خالق خلقا أكرم عليه منا ولا أعلم منا فابتلوا بخلق آدم وكل خلق
مبتلى كما ابتليت السماوات والأرض بالطاعة فقال الله تعالى " ائتيا طوعا أو كرها
قالتا أتينا طائعين " وقوله تعالى " ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك " . قال عبد
الرزاق عن معمر عن قتادة قال : التسبيح التسبيح والتقديس الصلاة . وقال
السدي عن أبي مالك وعن أبي صالح عن ابن عباس وعن مرة عن ابن مسعود
وعن ناس من الصحابة ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك قال : يقولون نصلي لك.
وقال مجاهد : ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك . قال : نعظمك ونكبرك . فقال
الضحاك : التقديس التطهير. وقال محمد بن إسحاق : ونحن نسبح بحمدك
ونقدس لك . قال : لا نعصي ولا نأتي شيئا تكرهه . وقال ابن جرير : التقديس هو
التعظيم والتطهير . ومنه قولهم سبوح قدوس يعني بقولهم سبوح تنزيه له
وبقولهم قدوس طهارة وتعظيم له : وكذلك للأرض أرض مقدسة يعني بذلك
المطهرة . فمعنى قول الملائكة إذا " ونحن نسبح بحمدك " ننزهك ونبرئك مما
يضيفه إليك أهل الشرك بك " ونقدس لك " ننسبك إلى ما هو من صفاتك من
الطهارة من الأدناس وما أضاف إليك أهل الكفر بك . وفي صحيح مسلم عن أبي ذر
رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل أي الكلام أفضل ؟ قال "
ما اصطفى الله لملائكته سبحان الله وبحمده " وروى البيهقي عن عبد الرحمن بن
قرط أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة أسري به سمع تسبيحا في
السماوات العلا " سبحان العلي الأعلى سبحانه وتعالى " "قال إني أعلم ما لا
تعلمون " قال قتادة فكان في علم الله أنه سيكون في تلك الخليقة أنبياء ورسل
وقوم صالحون وساكنو الجنة وسيأتي عن ابن مسعود وابن عباس وغير واحد من
الصحابة والتابعين أقوال في حكمة قوله تعالى قال " إني أعلم ما لا تعلمون " وقد
استدل القرطبي وغيره بهذه الآية على وجوب نصب الخليفة ليفصل بين الناس
فيما اختلفوا فيه ويقطع تنازعهم وينتصر لمظلومهم من ظالمهم ويقيم الحدود
ويزجر عن تعاطي الفواحش إلى غير ذلك من الأمور المهمة التي لا تمكن إقامتها
إلا بالإمام وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب . والإمامة تنال بالنص كما يقوله
طائفة من أهل السنة في أبي بكر أو بالإيماء إليه كما يقول آخرون منهم أو
باستخلاف الخليفة آخر بعده كما فعل الصديق بعمر بن الخطاب أو بتركه شورى
في جماعة صالحين كذلك كما فعله عمر أو باجتماع أهل الحل والعقد على مبايعته أو بمبايعته واحد منهم له فيجب التزامها عند الجمهور وحكى على ذلك
يؤدي ذلك إلى الشقاق والاختلاف وقد نص عليه الشافعي وهل يجب الإشهاد
على عقد الإمامة ؟ فيه خلاف فمنهم من قال لا يشترط وقيل بلى ويكفي
شاهدان . وقال الجبائي يجب أربعة وعاقد ومعقود له كما ترك عمر رضي الله عنه
الأمر شورى بين ستة فوقع الأمر على عاقد وهو عبد الرحمن بن عوف ومعقود له
وهو عثمان واستنبط وجوب الأربعة الشهود من الأربعة الباقين في هذا نظر والله
أعلم . ويجب أن يكون ذكرا حرا بالغا عاقلا مسلما عدلا مجتهدا بصيرا سليم
الأعضاء خبيرا بالحروب والآراء قرشيا على الصحيح ولا يشترط الهاشمي ولا
المعصوم من الخطأ خلافا للغلاة الروافض ولو فسق الإمام هل ينعزل أم لا ؟ فيه
خلاف والصحيح أنه لا ينعزل لقوله عليه الصلاة والسلام " إلا أن تروا كفرا بواحا
عندكم من الله فيه برهان " وهل له أن يعزل نفسه فيه خلاف وقد عزل الحسن بن
علي رضي الله عنه نفسه وسلم الأمر إلى معاوية لكن هذا لعذر وقد مدح على
ذلك : فأما نصب إمامين في الأرض أو أكثر فلا يجوز لقوله عليه الصلاة والسلام "
من جاءكم وأمركم جميع يريد أن يفرق بينكم فاقتلوه كائنا من كان " وهذا قول
الجمهور وقد حكى الإجماع على ذلك غير واحد منهم إمام الحرمين . وقالت
الكرامية : يجوز اثنين فأكثر كما كان علي ومعاوية إمامين واجبي الطاعة . قالوا :
وإذا جاز بعث نبيين في وقت واحد وأكثر جاز ذلك في الإمامة لأن النبوة أعلى رتبة
بلا خلاف . وحكى إمام الحرمين عن الأستاذ أبي إسحاق أنه جوز نصب إمامين
فأكثر إذا تباعدت الأقطار واتسعت الأقاليم بينهما وتردد إمام الحرمين في ذلك قلت
وهذا يشبه حال الخلفاء بني العباس بالعراق والفاطمين بمصر والأمويين بالمغرب
ولنقرر هذا كله في موضع آخر من كتاب الاحكام ان شاء الله تعالى 0
| |
|
| |
نور الجنه خادم رايه التوحيد متميز
عدد المساهمات : 1390 تاريخ التسجيل : 16/06/2010 الموقع :
| موضوع: رد: فى رحاب حفظ وتفسير ايتين يوميا الجمعة سبتمبر 10, 2010 8:26 am | |
| باااااارك الرحمن فيكي اختى عفاف ابدعتى جزاكى الله الجنه وكل عام وانتى بخير | |
|
| |
عفاف كامل خادم رايه التوحيد متميز
عدد المساهمات : 616 تاريخ التسجيل : 06/06/2010
| موضوع: رد: فى رحاب حفظ وتفسير ايتين يوميا الثلاثاء سبتمبر 14, 2010 11:58 am | |
| كل عام وانت بخير | |
|
| |
عفاف كامل خادم رايه التوحيد متميز
عدد المساهمات : 616 تاريخ التسجيل : 06/06/2010
| موضوع: رد: فى رحاب حفظ وتفسير ايتين يوميا الثلاثاء سبتمبر 14, 2010 12:07 pm | |
| السلام عليكم ورحمة الله وبركاتة
وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلَائِكَةِ فَقَالَ أَنْبِئُونِي بِأَسْمَاءِ هَٰؤُلَاءِ إِنْ
كُنْتُمْ صَادِقِينَ (31) قَالُوا سُبْحَانَكَ لَا عِلْمَ لَنَا إِلَّا مَا عَلَّمْتَنَا ۖ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ
(32)
التفسير لأبن كثير
وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلَائِكَةِ فَقَالَ أَنْبِئُونِي بِأَسْمَاءِ هَٰؤُلَاءِ إِنْ
كُنْتُمْ صَادِقِينَ (31)
هذا مقام ذكر الله تعالى فيه شرف آدم على الملائكة بما اختصه من علم أسماء
كل شيء دونهم وهذا كان بعد سجودهم له وإنما قدم هذا الفصل على ذاك
لمناسبة ما بين هذا المقام وعدم علمهم بحكمة خلق الخليفة حين سألوا عن
ذلك فأخبرهم تعالى بأنه يعلم ما لا يعلمون ولهذا ذكر الله هذا المقام عقيب هذا
ليبين لهم شرف آدم بما فضل به عليهم في العلم فقال تعالى " وعلم آدم
الأسماء كلها " قال السدي عمن حدثه عن ابن عباس " وعلم آدم الأسماء كلها "
قال علمه أسماء ولده إنسانا إنسانا والدواب فقيل هذا الحمار هذا الجمل هذا
الفرس وقال الضحاك عن ابن عباس " وعلم آدم الأسماء كلها " قال هي هذه
الأسماء التي يتعارف بها الناس إنسان ودواب وسماء وأرض وسهل وبحر وخيل
وحمار وأشباه ذلك من الأمم وغيرها وروى ابن أبي حاتم وابن جرير من حديث
عاصم بن كليب عن سعيد بن معبد عن ابن عباس " وعلم آدم الأسماء كلها " قال
علمه اسم الصحفة والقدر قال نعم حتى الفسوة والفسية وقال مجاهد " وعلم
آدم الأسماء كلها " قال علمه اسم كل دابة وكل طير وكل شيء وكذلك روي عن
سعيد بن جبير وقتادة وغيرهم من السلف أنه علمه أسماء كل شيء وقال الربيع
في رواية عنه أسماء الملائكة . وقال حميد الشامي أسماء النجوم . وقال عبد
الرحمن بن زيد علمه أسماء ذريته كلهم . واختار ابن جرير أنه علمه أسماء
الملائكة وأسماء الذرية لأنه قال " ثم عرضهم " عبارة عما يعقل . وهذا الذي رجح
به ليس بلازم فإنه لا ينفي أن يدخل معهم غيرهم ويعبر عن الجميع بصيغة من
يعقل للتغليب كما قال تعالى " والله خلق كل دابة من ماء فمنهم من يمشي
على بطنه ومنهم من يمشي على رجلين ومنهم من يمشي على أربع يخلق الله
ما يشاء إن الله على كل شيء قدير " وقد قرأ عبد الله بن مسعود ثم عرضهن .
وقرأ أبي بن كعب ثم عرضها أي السماوات . الصحيح أنه علمه أسماء الأشياء كلها
ذراتها وصفاتها وأفعالها كما قال ابن عباس حتى الفسوة والفسية يعني ذوات
الأسماء والأفعال المكبر والمصغر ولهذا قال البخاري في تفسير هذه الآية في
كتاب التفسير من صحيحه : حدثنا مسلم بن إبراهيم حدثنا هشام عن قتادة عن
أنس بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : وقال لي خليفة : حدثنا
يزيد بن زريع حدثنا سعيد عن قتادة عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم
قال : " يجتمع المؤمنون يوم القيامة فيقولون لو استشفعنا إلى ربنا فيأتون آدم
فيقولون أنت أبو الناس خلقك الله بيده وأسجد لك ملائكته وعلمك أسماء كل
شيء فاشفع لنا إلى ربك حتى يريحنا من مكاننا هذا فيقول لست هناكم ويذكر
ذنبه فيستحي ائتوا نوحا فإنه أول رسول بعثه الله إلى أهل الأرض . فيأتونه فيقول
لست هناكم ويذكر سؤاله ربه ما ليس له به علم فيستحي . فيقول ائتوا خليل
الرحمن فيأتونه فيقول لست هناكم . فيقول ائتوا موسى عبدا كلمه الله وأعطاه
التوراة فيأتونه فيقول لست هناكم ويذكر قتل النفس بغير نفس فيستحي من
ربه . فيقول ائتوا عيسى عبد الله ورسوله وكلمة الله وروحه فيأتونه فيقول لست
هناكم . ائتوا محمدا عبدا غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر فيأتوني فأنطلق حتى
أستأذن ربي فيأذن لي فإذا رأيت ربي وقعت ساجدا فيدعني ما شاء الله ثم يقال
ارفع رأسك وسل تعطه وقل يسمع واشفع تشفع فأرفع رأسي فأحمده بتحميد
يعلمنيه ثم أشفع فيحد لي حدا فأدخلهم الجنة ثم أعود إليه فإذا رأيت ربي مثلة
ثم أشفع فيحد لي حدا فأدخلهم الجنة ثم أعود الثالثة ثم أعود الرابعة فأقول ما
بقي في النار إلا من حبسه القرآن ووجب عليه الخلود هكذا ساق البخاري هذا
الحديث هاهنا وقد رواه مسلم والنسائي من حديث هشام وهو ابن أبي عبد الله
الدستوائي عن قتادة به وأخرجه مسلم والنسائي وابن ماجه من حديث سعيد
وهو ابن أبي عروبة عن قتادة . ووجه إيراده هاهنا والمقصود منه قوله عليه الصلاة
والسلام . فيأتون آدم فيقولون أنت أبو الناس خلقك الله بيده وأسجد لك ملائكته
وعلمك أسماء كل شيء . فدل هذا على أنه علمه أسماء جميع المخلوقات ولهذا
قال " ثم عرضهم على الملائكة" يعني المسميات كما قال عبد الرزاق عن معمر
عن قتادة قال ثم عرض تلك الأسماء على الملائكة" فقال أنبئوني بأسماء هؤلاء إن
كنتم صادقين" وقال السدي في تفسيره عن أبي مالك وعن أبي صالح عن ابن
عباس وعن مرة عن ابن مسعود وعن ناس من الصحابة " وعلم آدم الأسماء كلها "
ثم عرض الخلق على الملائكة . وقال ابن جريج عن مجاهد ثم عرض أصحاب
الأسماء على الملائكة وقال ابن جرير : حدثنا القاسم حدثنا الحسين حدثني
الحجاج عن جرير بن حازم ومبارك بن فضالة عن الحسن وأبي بكر عن الحسن
وقتادة قالا : علمه اسم كل شيء وجعل يسمي كل شيء باسمه وعرضت عليه
أمة أمة وبهذا الإسناد عن الحسن وقتادة في قوله تعالى" إن كنتم صادقين " إني
لم أخلق خلقا إلا كنتم أعلم منه فأخبروني بأسماء هؤلاء إن كنتم صادقين . وقال
الضحاك عن ابن عباس " إن كنتم صادقين " إن كنتم تعلمون أني لم أجعل في
الأرض خليفة وقال السدي عن أبي مالك وعن أبي صالح عن ابن عباس وعن مرة
عن ابن مسعود وعن ناس من الصحابة إن كنتم صادقين أن بني آدم يفسدون في
الأرض ويسفكون الدماء . وقال ابن جرير وأولى الأقوال في ذلك تأويل ابن عباس
ومن قال بقوله ومعنى ذلك فقال أنبئوني بأسماء من عرضته عليكم أيها الملائكة
القائلون : أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ؟ من غيرنا أم منا . فنحن
نسبح بحمدك ونقدس لك - إن كنتم صادقين في قيلكم أني إن جعلت خليفتي
في الأرض من غيركم عصاني وذريته وأفسدوا وسفكوا الدماء وإن جعلتكم فيها
أطعتموني واتبعتم أمري بالتعظيم والتقديس فإذا كنتم لا تعلمون أسماء هؤلاء
الذين عرضت عليكم وأنتم تشاهدونهم فأنتم بما هو غير موجود من الأمور الكائنة
التي لم توجد أحرى أن تكونوا غير عالمين .
قَالُوا سُبْحَانَكَ لَا عِلْمَ لَنَا إِلَّا مَا عَلَّمْتَنَا ۖ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ (32)
تقديس وتنزيه من الملائكة لله تعالى أن يحيط أحد بشيء من علمه إلا بما شاء
وأن يعلموا شيئا إلا ما علمهم الله تعالى ولهذا قالوا " سبحانك لا علم لنا إلا ما
علمتنا إنك أنت العليم الحكيم " أي العليم بكل شيء الحكيم في خلقك وأمرك
وفي تعليمك ما تشاء ومنعك ما تشاء لك الحكمة في ذلك والعدل التام . قال ابن
أبي حاتم : حدثنا أبو سعيد الأشج حدثنا حفص بن غياث عن حجاج عن ابن أبي
مليكة عن ابن عباس : سبحان الله . قال تنزيه الله نفسه عن السوء ثم قال : قال
عمر لعلي وأصحابه عنده لا إله إلا الله قد عرفناها فما سبحان الله فقال له علي
كلمة أحبها الله لنفسه ورضيها وأحب أن تقال . قال وحدثنا أبي حدثنا فضيل بن
النضر بن عدي قال سأل رجل ميمون بن مهران عن سبحان الله قال اسم يعظم
الله به ويحاشا به من السوء .
| |
|
| |
عفاف كامل خادم رايه التوحيد متميز
عدد المساهمات : 616 تاريخ التسجيل : 06/06/2010
| موضوع: رد: فى رحاب حفظ وتفسير ايتين يوميا الخميس سبتمبر 16, 2010 9:12 pm | |
| السلام عليكم ورحمة الله وبركاتة
قَالَ يَا آدَمُ أَنْبِئْهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ ۖ فَلَمَّا أَنْبَأَهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ قَالَ
أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ غَيْبَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَأَعْلَمُ مَا
تُبْدُونَ وَمَا كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ (33)
وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا
إِبْلِيسَ أَبَىٰ وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ (34)
التفسير لأبن كثير
قَالَ يَا آدَمُ أَنْبِئْهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ ۖ فَلَمَّا أَنْبَأَهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ قَالَ
أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ غَيْبَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَأَعْلَمُ مَا
تُبْدُونَ وَمَا كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ (33)
قوله تعالى " قال يا آدم أنبئهم بأسمائهم فلما أنبأهم
بأسمائهم قال ألم أقل لكم إني أعلم غيب السماوات
والأرض وأعلم ما تبدون وما كنتم تكتمون " قال زيد بن
أسلم قال أنت جبرائيل أنت ميكائيل أنت إسرافيل حتى
عدد الأسماء كلها حتى بلغ الغراب . وقال مجاهد في قول
الله " قال يا آدم أنبئهم بأسمائهم " قال اسم الحمامة
والغراب واسم كل شيء وروي عن سعيد بن جبير
والحسن وقتادة نحو ذلك فلما ظهر فضل آدم عليه السلام
على الملائكة في سرده ما علمه الله تعالى من أسماء
الأشياء قال الله تعالى للملائكة " ألم أقل لكم إني أعلم
غيب السماوات والأرض وأعلم ما تبدون وما كنتم تكتمون "
أي ألم أتقدم إليكم أني أعلم الغيب الظاهر والخفي كما
قال تعالى " وإن تجهر بالقول فإنه يعلم السر وأخفى "
وكما قال إخبارا عن الهدهد أنه قال لسليمان " ألا يسجدوا
لله الذي يخرج الخبء في السماوات والأرض ويعلم ما
تخفون وما تعلنون الله لا إله إلا هو رب العرش العظيم "
وقيل في قوله تعالى " وأعلم ما تبدون وما كنتم تكتمون "
غير ما ذكرناه فروى الضحاك عن ابن عباس " وأعلم ما
تبدون وما كنتم تكتمون" قال أعلم السر كما أعلم العلانية
يعني ما كتم إبليس في نفسه من الكبر والاغترار . وقال
السدي عن أبي مالك وعن أبي صالح عن ابن عباس وعن
مرة عن ابن مسعود وعن ناس من الصحابة قال قولهم "
أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء " الآية فهذا
الذي أبدوا " وما كنتم تكتمون " يعني ما أسر إبليس في
نفسه من الكبر وكذلك قال سعيد بن جبير ومجاهد
والسدي والضحاك والثوري . واختار ذلك ابن جرير وقال أبو
العالية والربيع بن أنس والحسن وقتادة هو قولهم لم
يخلق ربنا خلقا إلا كنا أعلم منه وأكرم عليه منه : وقال أبو
جعفر الرازي عن الربيع بن أنس " وأعلم ما تبدون وما كنتم
تكتمون " فكان الذي أبدوا هو قولهم : أتجعل فيها من
يفسد فيها ويسفك الدماء . وكان الذي كتموا بينهم قولهم
لن يخلق ربنا خلقا إلا كنا أعلم منه وأكرم . فعرفوا أن الله
فضل عليهم آدم في العلم والكرم قال ابن جرير حدثنا
يونس حدثنا ابن وهب عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم
في قصة الملائكة وآدم : فقال الله للملائكة كما لم تعلموا
هذه الأسماء فليس لكم علم إنما أردت أن أجعلهم
ليفسدوا فيها هذا عندي قد علمته فكذلك أخفيت عنكم
أني أجعل فيها من يعصيني ومن يطيعني قال وقد سبق
من الله " لأملأن جهنم من الجنة والناس أجمعين " قال
ولم تعلم الملائكة ذلك ولم يدروه قال فلما رأوا ما أعطى
الله آدم من العلم أقروا له بالفضل . وقال ابن جرير وأولى
الأقوال في ذلك قول ابن عباس وهو أن معنى قوله
تعالى : " وأعلم ما تبدون " وأعلم مع علمي غيب
السماوات والأرض ما تظهرونه بألسنتكم . وما كنتم تخفون
في أنفسكم فلا يخفى علي شيء سواء عندي سرائركم
وعلانيتكم والذي أظهروه بألسنتهم قولهم أتجعل فيها من
يفسد فيها والذي كانوا يكتمون ما كان منطويا عليه إبليس
من الخلاف على الله في أوامره والتكبر عن طاعته . قال
وصح ذلك وكما تقول العرب قتل الجيش وهزموا وإنما قتل
الواحد أو البعض وهزم الواحد أو البعض فيخرج الخبر عن
المهزوم منه والمقتول مخرج الخبر عن جميعهم كما قال
تعالى " إن الذين ينادونك من وراء الحجرات " ذكر أن الذي
نادى إنما كان واحدا من بني تميم قال وكذلك قوله "
وأعلم ما تبدون وما كنتم تكتمون "
وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَىٰ
وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ (34)
وهذه كرامة عظيمة من الله تعالى لآدم امتن بها على
ذريته حيث أخبر أنه تعالى أمر الملائكة بالسجود لآدم وقد
دل على ذلك أحاديث أيضا كثيرة منها حديث الشفاعة
المتقدم وحديث موسى عليه السلام" رب أرني آدم الذي
أخرجنا ونفسه من الجنة فلما اجتمع به قال أنت آدم الذي
خلقه الله بيده ونفخ فيه من روحه وأسجد له ملائكته " قا
وذكر الحديث كما سيأتي إن شاء الله . وقال ابن جرير
حدثنا أبو كريب حدثنا عثمان بن سعيد حدثنا بشر بن
عمارة عن أبي روق عن الضحاك عن ابن عباس قال كان
إبليس من حي من أحياء الملائكة يقال لهم الجن خلقوا
من نار السموم من بين الملائكة وكان خازنا من خزان
الجنة قال وخلقت الملائكة كلهم من نور غير هذا الحي
قال وخلقت الجن الذين ذكروا في القرآن من مارج من نار
وهو لسان النار الذي يكون في طرفها إذا ألهبت قال وخلق
الإنسان من طين فأول من سكن الأرض الجن فأفسدوا
فيها وسفكوا الدماء وقتل بعضهم بعضا قال فبعث الله إليهم
إبليس في جند من الملائكة وهم هذا الحي الذي يقال
لهم الجن فقتلهم إبليس ومن معه حتى ألحقهم بجزائر
البحور وأطراف الجبال فلما فعل إبليس ذلك اغتر في
نفسه فقال قد صنعت شيئا لم يصنعه أحد قال فاطلع الله
على ذلك من قلبه ولم تطلع عليه الملائكة الذين كانوا معه
فقال الله تعالى للملائكة الذين كانوا معه : " إني جاعل
في الأرض خليفة " فقالت الملائكة مجيبين له : أتجعل
فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء كما أفسدت الجن
وسفكت الدماء وإنما بعثتنا عليهم لذلك ؟ فقال الله
تعالى " إني أعلم ما لا تعلمون" يقول إني قد اطلعت على
قلب إبليس على ما لم تطلعوا عليه من كبره واغتراره قال
ثم أمر بتربة آدم فرفعت فخلق الله آدم من طين لازب
واللازب اللازج الطيب من حمأ مسنون منتن وإنما كان حمأ
مسنونا بعد التراب فخلق منه آدم بيده قال فمكث أربعين
ليلة جسدا ملقى وكان إبليس يأتيه فيضربه برجله
فيصلصل فيصوت فهو قول الله تعالى " من صلصال
كالفخار " يقول كالشيء المنفرج الذي ليس بمصمت قال
ثم يدخل في فيه ويخرج من دبره ويدخل من دبره ويخرج
من فيه ثم يقول لست شيئا للصلصلة ولشيء ما خلقت
ولئن سلطت عليك لأهلكنك ولئن سلطت علي لأعصينك .
قال فلما نفخ الله فيه من روحه أتت النفخة من قبل رأسه
فجعل لا يجري. شيء منها في جسده إلا صار لحما ودما
فلما انتهت النفخة إلى سرته نظر إلى جسده فأعجبه ما
رأى من جسده فذهب لينهض فلم يقدر فهو قول الله
تعالى " وخلق الإنسان عجولا " قال ضجرا لا صبر له على
سراء ولا ضراء قال : فلما تمت النفخة في جسده عطس
فقال " الحمد لله رب العالمين " بإلهام الله فقال الله له "
يرحمك الله يا آدم" قال ثم قال تعالى : للملائكة الذين كانوا
مع إبليس خاصة دون الملائكة الذين في السماوات
اسجدوا لآدم فسجدوا كلهم أجمعون إلا إبليس أبى
واستكبر لما كان حدث نفسه من الكبر والاغترار فقال لا
أسجد له وأنا خير منه وأكبر سنا وأقوى خلقا خلقتني من
نار وخلقته من طين يقول إن النار أقوى من الطين قال فلما
أبى إبليس أن يسجد أبلسه الله أي آيسه من الخير كله
وجعله شيطانا رجيما عقوبة لمعصيته ثم علم آدم الأسماء
كلها وهي هذه الأسماء التي يتعارف بها الناس إنسان
ودابة وأرض وسهل وبحر وجبل وحمار وأشباه ذلك من
الأمم وغيرها ثم عرض هذه الأسماء على أولئك الملائكة
يعني الملائكة الذين كانوا مع إبليس الذين خلقوا من نار
السموم وقال لهم " أنبئوني بأسماء هؤلاء" أي يقول
أخبروني بأسماء هؤلاء " إن كنتم صادقين" إن كنتم
تعلمون لم أجعل في الأرض خليفة قال : فلما علمت
الملائكة موجدة الله عليهم فيما تكلموا به من علم الغيب
الذي لا يعلمه غيره الذي ليس لهم به علم " قالوا
سبحانك " تنزيها لله من أن يكون أحد يعلم الغيب غيره تبنا
إليك" لا علم لنا إلا ما علمتنا " تبريا منهم من علم الغيب
إلا ما علمتنا كما علمت آدم فقال" يا آدم أنبئهم
بأسمائهم " يقول " أخبرهم بأسمائهم فلما أنبأهم
بأسمائهم " قال " ألم أقل لكم" أيتها الملائكة خاصة " إني
أعلم غيب السماوات والأرض " ولا يعلم غيري " وأعلم ما
تبدون " يقول ما تظهرون " وما كنتم تكتمون " يقول أعلم
السر كما أعلم العلانية يعني ما كتم إبليس في نفسه
من الكبر والاغترار هذا سياق غريب وفيه أشياء فيها نظر
يطول مناقشتها وهذا الإسناد إلى ابن عباس يروى به
تفسير مشهور وقال السدي في تفسيره عن أبي مالك
وعن أبي صالح عن ابن عباس وعن مرة عن ابن مسعود
وعن أناس من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم لما
فرغ الله من خلق ما أحب استوى على العرش فجعل
إبليس على ملك السماء الدنيا وكان من قبيلة من
الملائكة يقال لهم الجن وإنما سموا الجن لأنهم خزان
الجنة وكان إبليس مع ملكه خازنا فوقع في صدره وقال : ما
أعطاني الله هذا إلا لمزية لي على الملائكة فلما وقع ذلك
الكبر في نفسه اطلع الله على ذلك فقال الله للملائكة"
إني جاعل في الأرض خليفة " فقالوا ربنا وما يكون ذلك
الخليفة ؟ قال يكون له ذرية يفسدون في الأرض
ويتحاسدون ويقتل بعضهم بعضا قالوا " أتجعل فيها من
يفسد فيها ويسفك الدماء ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك
؟ قال " إني أعلم ما لا تعلمون " يعني من شأن إبليس .
فبعث الله جبريل إلى الأرض ليأتيه بطين منها فقالت الأرض
إني أعوذ بالله منك أن تنقص مني أو تشينني فرجع ولم
يأخذ وقال يا رب إنها عاذت بك فأعذتها فبعث ميكائيل
فعاذت منه فعاذها فرجع فقال كما قال جبريل فبعث ملك
الموت فعاذت منه فقال : وأنا أعوذ بالله أن أرجع ولم أنفذ
أمره فأخذ من وجه الأرض وخلط ولم يأخذ من مكان واحد
وأخذ من تربة حمراء وبيضاء وسوداء فلذلك خرج بنو آدم
مختلفين فصعد به قبل التراب حتى عاد طينا لازبا واللازب
هو الذي يلتزق بعضه ببعض ثم قال للملائكة " إني خالق
بشرا من طين فإذا سويته ونفخت فيه من روحي فقعوا له
ساجدين " فخلقه الله بيده لئلا يتكبر إبليس عنه ليقول له
تتكبر عما عملت بيدي ولم أتكبر أنا عنه بخلقه بشرا فكان
جسدا من طين أربعين سنة من مقدار يوم الجمعة فمرت
به الملائكة ففزعوا منه لما رأوه فكان أشدهم فزعا منه
إبليس فكان يمر به فيضربه فيصوت الجسد كما يصوت
الفخار يكون له صلصلة فذلك حين يقول " من صلصال
كالفخار " ويقول لأمر ما خلقت ودخل من فيه فخرج من
دبره وقال للملائكة لا ترهبوا من هذا فإن ربكم صمد وهذا
أجوف لئن سلطت عليه لأهلكنه فلما بلغ الحين الذي يريد
الله عز وجل أن ينفخ فيه الروح قال للملائكة إذا نفخت فيه
من روحي فاسجدوا له فلما نفخ فيه الروح فدخل الروح
في رأسه عطس فقالت الملائكة قل الحمد لله فقال فقال
الله " يرحمك الله" فلما دخلت الروح في عينيه نظر إلى
ثمار الجنة فلما دخل الروح إلى جوفه اشتهى الطعام
فوثب قبل أن تبلغ الروح رجليه عجلان إلى ثمار الجنة
فذلك حين يقول الله تعالى " خلق الإنسان من عجل"
فسجد الملائكة كلهم أجمعون إلا إبليس أبى أن يكون مع
الساجدين أبى واستكبر وكان من الكافرين قال الله له ما
منعك أن تسجد إذ أمرتك لما خلقت بيدي ؟ قال أنا خير
منه لم أكن لأسجد لبشر خلقته من طين قال الله له "
اخرج منها فما يكون لك " يعني ما ينبغي لك " أن تتكبر
فيها فاخرج إنك من الصاغرين " والصغار هو الذل قال وعلم
آدم الأسماء كلها ثم عرض الخلق على الملائكة" فقال
أنبئوني بأسماء هؤلاء إن كنتم صادقين" أن بني آدم
يفسدون في الأرض ويسفكون الدماء" فقالوا سبحانك لا
علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم " قال الله يا
آدم أنبئهم بأسمائهم فلما أنبأهم بأسمائهم قال ألم أقل
لكم إني أعلم غيب السماوات والأرض وأعلم ما تبدون وما
كنتم تكتمون قال : قولهم " أتجعل فيها من يفسد فيها "
فهذا الذي أبدوا " وأعلم ما كنتم تكتمون" يعني ما أسر
إبليس في نفسه من الكبر فهذا الإسناد إلى هؤلاء
الصحابة مشهور في تفسير السدي ويقع فيه إسرائيليات
كثيرة فلعل بعضها مدرج ليس من كلام الصحابة أو أنهم
أخذوه من بعض الكتب المتقدمة والله أعلم . والحاكم يروي
في مستدركه بهذا الإسناد بعينه أشياء ويقول على شرط
البخاري. والغرض أن الله تعالى لما أمر الملائكة بالسجود
لآدم دخل إبليس في خطابهم لأنه لم يكن من عنصرهم
إلا أنه كان قد تشبه بهم وتوسم بأفعالهم فلهذا دخل في
الخطاب لهم وذم في مخالفة الأمر وسنبسط المسألة إن
شاء الله تعالى عند قوله" إلا إبليس كان من الجن ففسق
عن أمر ربه " ولهذا قال : محمد بن إسحاق عن خلاد بن
عطاء عن طاوس عن ابن عباس قال : كان إبليس قبل أن
يركب المعصية من الملائكة اسمه عزازيل وكان من سكان
الأرض وكان من أشد الملائكة اجتهادا وأكثرهم علما فذلك
دعاه إلى الكبر وكان من حي يسمون جنا. وفي رواية عن
خلاد عن عطاء عن طاوس أو مجاهد عن ابن عباس أو غيره
بنحوه . وقال ابن أبي حاتم حدثنا أبي حدثنا سعيد بن
سليمان حدثنا عباد يعني ابن العوام عن سفيان بن
حسين عن يعلى بن مسلم عن سعيد بن جبير عن ابن
عباس قال : كان إبليس اسمه عزازيل وكان من أشراف
الملائكة من ذوي الأجنحة الأربعة ثم أبلس بعد وقال
سنيد : عن حجاج عن ابن جريج قال : قال ابن عباس :
كان إبليس من أشراف الملائكة وأكرمهم قبيلة وكان خازنا
على الجنان وكان له سلطان سماء الدنيا وكان له سلطان
على الأرض وهكذا روى الضحاك وغيره عن ابن عباس
سواء . وقال صالح مولى التوأمة عن ابن عباس : إن من
الملائكة قبيلا يقال لهم الجن وكان إبليس منهم وكان
يوسوس ما بين السماء والأرض فعصى فمسخه الله
شيطانا رجيما رواه ابن جرير . وقال قتادة عن سعيد بن
المسيب : كان إبليس رئيس ملائكة سماء الدنيا . وقال
ابن جرير : حدثنا محمد بن بشار حدثنا عدي بن أبي عدي
عن عوف عن الحسن قال : ما كان إبليس من الملائكة
طرفة عين قط وإنه لأصل الجن كما أن آدم أصل الإنس
وهذا إسناد صحيح عن الحسن وهكذا قال عبد الرحمن
بن زيد بن أسلم سواء . وقال شهر بن حوشب : كان
إبليس من الجن الذين طردتهم الملائكة فأسره بعض
الملائكة فذهب به إلى السماء رواه ابن جرير . وقال سنيد
بن داود : حدثنا هشيم أنبأنا عبد الرحمن بن يحيى عن
موسى بن نمير وعثمان بن سعيد بن كامل عن سعد بن
مسعود قال : كانت الملائكة تقاتل الجن فسبي إبليس
وكان صغيرا فكان مع الملائكة يتعبد معها فلما أمروا
بالسجود لآدم سجدوا فأبى إبليس فلذلك قال تعالى " إلا
إبليس كان من الجن " وقال ابن جرير حدثنا محمد بن
سنان البزار حدثنا أبو عاصم عن شريك عن رجل عن
عكرمة عن ابن عباس قال : إن الله خلق خلقا فقال
اسجدوا لآدم فقالوا لا نفعل فبعث الله عليهم نارا
فأحرقتهم ثم خلق خلقا آخر فقال " إني خالق بشرا من
طين" اسجدوا لآدم قال فأبوا فبعث الله عليهم نارا
فأحرقتهم ثم خلق هؤلاء فقال اسجدوا لآدم قالوا نعم وكان
إبليس من أولئك الذين أبوا أن يسجدوا لآدم - وهذا غريب
ولا يكاد يصح إسناده فإن فيه رجلا مبهما ومثله لا يحتج به
والله أعلم. وقال : ابن أبي حاتم حدثنا أبو سعيد الأشج
حدثنا أبو أسامة حدثنا صالح بن حيان حدثنا عبد الله بن
بريدة : قوله تعالى " وكان من الكافرين " من الذين أبوا
فأحرقتهم النار وقال أبو جعفر رضي الله عنه عن الربيع عن
أبي العالية " وكان من الكافرين " يعني من العاصين وقال
السدي " وكان من الكافرين " الذين لم يخلقهم الله يومئذ
يكونون بعد وقال محمد بن كعب القرظي ابتدأ الله خلق
إبليس من الكفر والضلالة وعمل بعمل الملائكة فصيره الله
إلى ما أبدى عليه خلقه على الكفر قال الله تعالى " وكان
من الكافرين" وقال قتادة في قوله تعالى " وإذ قلنا
للملائكة اسجدوا لآدم " فكانت الطاعة لله والسجدة لآدم
أكرم الله آدم أن أسجد له ملائكته وقال بعض الناس كان
هذا سجود تحية وسلام وإكرام كما قال تعالى " ورفع أبويه
على العرش وخروا له سجدا وقال يا أبت هذا تأويل رؤياي
من قبل قد جعلها ربي حقا " وقد كان هذا مشروعا في
الأمم الماضية ولكنه نسخ في ملتنا . قال معاذ : قدمت
الشام فرأيتهم يسجدون لأساقفتهم وعلمائهم فأنت يا
رسول الله أحق أن يسجد لك فقال " لا . لو كنت آمرا بشرا
أن يسجد لبشر لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها من عظم
حقه عليها " ورجحه الرازي وقال بعضهم بل كانت السجدة
لله وآدم قبلة فيها كما قال تعالى " أقم الصلاة لدلوك
الشمس " وفي هذا التنظير نظر والأظهر أن القول الأول
أولى والسجدة لآدم إكراما وإعظاما واحتراما وسلاما وهي
طاعة لله عز وجل لأنها امتثال لأمره تعالى . وقد قواه
الرازي في تفسيره وضعف ما عداه من القولين الآخرين
وهما كونه جعل قبلة إذ لا يظهر فيه شرف والآخر أن المراد
بالسجود الخضوع لا الانحناء ووضع الجبهة على الأرض
وهو ضعيف كما قال وقال قتادة في قوله تعالى " فسجدوا
إلا إبليس أبى واستكبر وكان من الكافرين " حسد عدو الله
إبليس آدم عليه السلام على ما أعطاه الله من الكرامة
وقال أنا ناري وهذا طيني وكان بدء الذنوب الكبر استكبر
عدو الله أن يسجد لآدم عليه السلام قلت وقد ثبت في
الصحيح " لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال حبة من
خردل من كبر " وقد كان في قلب إبليس من الكبر -
والكفر - والعناد ما اقتضى طرده وإبعاده عن جناب الرحمة
وحضرة القدس قال بعض المعربين وكان من الكافرين أى
وصار من الكافرين بسبب امتناعه كما قال " فكان من
المغرقين" وقال " فتكونا من الظالمين " وقال الشاعر :
بتيهاء قفر والمطي كأنها قطا الحزن قد كانت فراخا بيوضها
أي قد صارت وقال ابن فورك تقديره وقد كان في علم الله
من الكافرين ورجحه القرطبي وذكر هاهنا مسألة فقال :
قال علماؤنا من أظهر الله على يديه ممن ليس بنبي
كرامات وخوارق العادات فليس ذلك دالا على ولايته خلافا
لبعض الصوفية والرافضة هذا لفظه ثم استدل على ما قال
بأنا لا نقطع بهذا الذي جرى الخارق على يديه أنه يوافي
الله بالإيمان وهو لا يقطع بنفسه لذلك يعني والولي الذي
يقطع له بذلك الأمر قلت وقد استدل بعضهم على أن
الخارق قد يكون على يد غير الولي بل قد يكون على يد
الفاجر والكافر أيضا بما ثبت عن ابن صياد أنه قال هو الدخ
حين خبأ له رسول الله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم "
فارتقب يوم تأتي السماء بدخان مبين " وبما كان يصدر عنه
أنه كان يملأ الطريق إذا غضب حتى ضربه عبد الله بن عمر
وبما ثبتت به الأحاديث عن الدجال بما يكون على يديه من
الخوارق الكثيرة من أنه يأمر السماء أن تمطر فتمطر
والأرض أن تنبت فتنبت وتتبعه كنوز الأرض مثل اليعاسيب
وأن يقتل ذلك الشاب ثم يحييه إلى غير ذلك من الأمور
المهولة . وقد قال : يونس بن عبد الأعلى الصدفي قلت
للشافعي كان الليث بن سعد يقول : إذا رأيتم الرجل
يمشي على الماء ويطير في الهواء فلا تغتروا به حتى
تعرضوا أمره على الكتاب والسنة فقال الشافعي : قصر
الليث رحمه الله بل إذا رأيتم الرجل يمشي على الماء ويطير في الهواء فلا تغتروا به حتى تعرضوا أمره على
الكتاب والسنة وقد حكى الرازي وغيره قولين للعلماء هل
المأمور بالسجود لآدم خاص بملائكة الأرض أو عام بملائكة
السماوات والأرض وقد رجح كلا من القولين طائفة وظاهر
الآية الكريمة العموم" فسجد الملائكة كلهم أجمعون إلا
إبليس " فهذه أربعة أوجه مقوية للعموم والله أعلم .
| |
|
| |
نور الهدي خادم رايه التوحيد مرحب به
عدد المساهمات : 38 تاريخ التسجيل : 17/09/2010
| موضوع: رد: فى رحاب حفظ وتفسير ايتين يوميا الجمعة سبتمبر 17, 2010 4:34 pm | |
| تبارك الله فيكي عفاف كامل تقبلي مروري | |
|
| |
عفاف كامل خادم رايه التوحيد متميز
عدد المساهمات : 616 تاريخ التسجيل : 06/06/2010
| موضوع: رد: فى رحاب حفظ وتفسير ايتين يوميا الجمعة سبتمبر 17, 2010 8:00 pm | |
| [size=24] [center] اشكرك نور الهدى
على مشاركتك الطيبة
دمت فى حفظ الله [/center[/size]]
| |
|
| |
عفاف كامل خادم رايه التوحيد متميز
عدد المساهمات : 616 تاريخ التسجيل : 06/06/2010
| موضوع: رد: فى رحاب حفظ وتفسير ايتين يوميا الجمعة سبتمبر 17, 2010 8:15 pm | |
| السلام عليكم ورحمة الله وبركاتة
وَقُلْنَا يَا آدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَكُلَا مِنْهَا رَغَدًا حَيْثُ
شِئْتُمَا وَلَا تَقْرَبَا هَٰذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ (35)
فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطَانُ عَنْهَا فَأَخْرَجَهُمَا مِمَّا كَانَا فِيهِ ۖ وَقُلْنَا
اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ ۖ وَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ
إِلَىٰ حِينٍ (36)
التفسير لأبن كثير
وَقُلْنَا يَا آدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَكُلَا مِنْهَا رَغَدًا
حَيْثُ شِئْتُمَا وَلَا تَقْرَبَا هَٰذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ
(35)
يقول الله تعالى إخبارا عما أكرم به آدم : أنه أمر الملائكة
بالسجود فسجدوا إلا إبليس وأنه أباح له الجنة يسكن منها
حيث يشاء ويأكل منها ما شاء رغدا أي هنيئا واسعا طيبا.
وروى الحافظ أبو بكر بن مردويه من حديث محمد بن
عيسى الدامغاني . حدثنا سلمة بن الفضل عن ميكائيل
عن ليث عن إبراهيم التيمي عن أبيه عن أبي ذر قال قلت
يا رسول الله أرأيت آدم أنبيا كان قال " نعم نبيا رسولا
يكلمه الله قبيلا" - يعني عيانا - فقال " اسكن أنت وزوجك
الجنة" وقد اختلف في الجنة التي أسكنها آدم أهي في
السماء أو في الأرض فالأكثرون على الأول وحكى
القرطبي عن المعتزلة والقدرية القول بأنها في الأرض
وسيأتي تقرير ذلك في سورة الأعراف إن شاء الله تعالى
وسياق الآية يقتضي أن حواء خلقت قبل دخول آدم الجنة
وقد صرح بذلك محمد بن إسحاق حيث قال لما فرغ الله
من معاتبة إبليس أقبل على آدم وعلمه الأسماء كلها فقال
يا آدم أنبئهم بأسمائهم إلى قوله " إنك أنت العليم
الحكيم " قال ثم ألقيت السنة على آدم فيما بلغنا عن
أهل الكتاب من أهل التوراة وغيرهم من أهل العلم عن
ابن عباس وغيره ثم أخذ ضلعا من أضلاعه من شقه الأيسر
ولأم مكانه لحما وآدم نائم لم يهب من نومه حتى خلق الله
من ضلعه تلك زوجته حواء فسواها امرأة ليسكن إليها فلما
كشف عنه السنة وهب من نومه رآها إلى جنبه فقال فيما
يزعمون والله أعلم " لحمي ودمي وزوجتي " فسكن إليها
فلما زوجه الله وجعل له سكنا من نفسه قال له قبيلا" يا
آدم اسكن أنت وزوجك الجنة وكلا منها رغدا حيث شئتما
ولا تقربا هذه الشجرة فتكونا من الظالمين " ويقال إن خلق
حواء كان بعد دخول الجنة كما قال السدي في خبر ذكره
عن أبي مالك وعن أبي صالح عن ابن عباس وعن مرة عن
ابن مسعود وعن ناس من الصحابة أخرج إبليس من الجنة
وأسكن آدم الجنة فكان يمشي فيها وحيشا ليس له زوج
يسكن إليه فنام نومة فاستيقظ وعند رأسه امرأة قاعدة
خلقها الله من ضلعه فسألها ما أنت ؟ قالت امرأة قال ولم
خلقت ؟ قالت لتسكن إلي قالت له الملائكة ينظرون ما
بلغ من علمه ما اسمها يا آدم ؟ قال حواء قالوا ولم حواء ؟
قال إنها خلقت من شيء حي . قال الله " يا آدم اسكن
أنت وزوجك الجنة وكلا منها رغدا حيث شئتما " وأما قوله "
ولا تقربا هذه الشجرة " فهو إخبار من الله تعالى وامتحان
لآدم وقد اختلف في هذه الشجرة ما هي . قال السدي
عمن حدثه عن ابن عباس : الشجرة التي نهي عنها آدم
عليه السلام هي الكرم . وكذا قال سعيد بن جبير
والسدي والشعبي وجعدة بن هبيرة ومحمد بن قيس قال
السدي أيضا في خبر ذكره عن أبي مالك وعن أبي صالح
عن ابن عباس وعن مرة عن ابن مسعود عن ناس من
الصحابة " ولا تقربا هذه الشجرة " هي الكرم . وتزعم يهود
أنها الحنطة . وقال ابن جرير وابن أبي حاتم : حدثنا محمد
بن إسماعيل بن سمرة الأحمسي حدثنا أبو يحيى
الحماني حدثنا أبو النضر أبو عمر الخراز عن عكرمة عن ابن
عباس قال : الشجرة التي نهي عنها آدم عليه السلام
هي السنبلة وقال عبد الرزاق : أنبأنا ابن عيينة وابن
المبارك عن الحسن بن عمارة عن المنهال بن عمرو عن
سعيد بن جبير عن ابن عباس قال : هي السنبلة وقال
محمد بن إسحاق عن رجل من أهل العلم عن حجاج عن
مجاهد عن ابن عباس قال : هي البر وقال ابن جرير :
وحدثني المثنى بن إبراهيم حدثنا مسلم بن إبراهيم حدثنا
القاسم حدثني رجل من بني تميم أن ابن عباس كتب
إلى أبي الجلد يسأله عن الشجرة التي أكل منها آدم
والشجرة التي تاب عندها آدم فكتب إليه أبو الجلد :
سألتني عن الشجرة التي نهي عنها آدم وهي السنبلة
وسألتني عن الشجرة التي تاب عندها آدم وهي الزيتونة
وكذلك فسره الحسن البصري ووهب بن منبه وعطية
العوفي وأبو مالك ومحارب بن دثار وعبد الرحمن بن أبي
ليلى . وقال محمد بن إسحاق عن بعض أهل اليمن عن
وهب بن منبه أنه كان يقول : هي البر ولكن الحبة منها
في الجنة ككلى البقر وألين من الزبد وأحلى من العسل .
وقال سفيان الثوري عن حصين عن أبي مالك " ولا تقربا
هذه الشجرة " قال النخلة وقال ابن جرير عن مجاهد " ولا
تقربا هذه الشجرة" قال التينة وبه قال قتادة وابن جريج
وقال أبو جعفر الرازي عن الربيع بن أنس عن أبي العالية
كانت الشجرة من أكل منها أحدث ولا ينبغي أن يكون في
الجنة حدث وقال عبد الرزاق : حدثنا عمر بن عبد الرحمن
بن مهران قال : سمعت وهب بن منبه يقول : لما أسكن
الله آدم وزوجته الجنة ونهاه عن أكل الشجرة وكانت شجرة
غصونها متشعب بعضها من بعض وكان لها ثمر تأكله
الملائكة لخلدهم وهي الشجرة التي نهى الله عنها آدم
وزوجته . فهذه أقوال ستة في تفسير هذه الشجرة . قال
الإمام العلامة أبو جعفر بن جرير رحمه الله : والصواب في
ذلك أن يقال إن الله عز وجل ثناؤه نهى آدم وزوجته عن أكل
شجرة بعينها من أشجار الجنة دون سائر أشجارها فأكلا
منها ولا علم . عندنا بأي شجرة كانت على التعيين لأن
الله لم يضع لعباده دليلا على ذلك في القرآن ولا من السنة الصحيحة وقد قيل : كانت شجرة البر . وقيل كانت
واحدة منها وذلك علم إذا علم لم ينفع العالم به علمه وإن
جهله جاهل لم يضره جهله به والله أعلم وكذلك رجح
الإبهام الرازي في تفسيره وغيره وهو الصواب .
فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطَانُ عَنْهَا فَأَخْرَجَهُمَا مِمَّا كَانَا فِيهِ ۖ وَقُلْنَا
اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ ۖ وَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ
إِلَىٰ حِينٍ (36)
وقوله تعالى " فأزلهما الشيطان عنها " يصح أن يكون
الضمير في قوله عنها عائدا إلى الجنة فيكون معنى الكلام
كما قرأ عاصم فأزالهما أي فنحاهما ويصح أن يكون عائدا
على أقرب المذكورين وهو الشجرة فيكون معنى الكلام
كما قال الحسن وقتادة فأزلهما أي من قبل الزلل فعلى
هذا يكون تقدير الكلام " فأزلهما الشيطان عنها " أي
بسببها كما قال تعالى " يؤفك عنه من أفك " أي يصرف
بسببه من هو مأفوك ولهذا قال تعالى " فأخرجهما مما
كانا فيه " أي من اللباس والمنزل الرحب والرزق الهنيء
والراحة " وقلنا اهبطوا بعضكم لبعض عدو ولكم في الأرض
مستقر ومتاع إلى حين " أي قرار وأرزاق وآجال - إلى
حين - أي إلى وقت مؤقت ومقدار معين ثم تقوم القيامة
وقد ذكر المفسرون من السلف كالسدي بأسانيده وأبي
العالية ووهب بن منبه وغيرهم . هاهنا أخبارا إسرائيلية
عن قصة الحية وإبليس وكيف جرى من دخول إبليس إلى
الجنة ووسوسته وسنبسط ذلك إن شاء الله في سورة
الأعراف فهناك القصة أبسط منها هاهنا والله الموفق . وقد
قال ابن أبي حاتم هاهنا : حدثنا علي بن الحسن بن
إشكاب حدثنا علي بن عاصم عن سعيد بن أبي عروبة عن
قتادة عن الحسن عن أبي بن كعب قال : قال رسول الله
صلى الله عليه وسلم " إن الله خلق آدم رجلا طوالا كثير
شعر الرأس كأنه نخلة سحوق فلما ذاق الشجرة سقط
عنه لباسه فأول ما بدا منه عورته فلما نظر إلى عورته جعل
يشتد في الجنة فأخذت شعره شجرة فنازعها فناداه
الرحمن يا آدم مني تفر ؟ فلما سمع كلام الرحمن قال يا
رب لا ولكن استحياء" . قال : وحدثني جعفر بن أحمد بن
الحكم القرشي سنة أربع وخمسين ومائتين حدثنا
سليمان بن منصور بن عمار حدثنا علي بن عاصم عن
سعيد عن قتادة عن أبي بن كعب قال : قال رسول الله
صلى الله عليه وسلم " لما ذاق آدم من الشجرة فر هاربا
فتعلقت شجرة بشعره فنودي : يا آدم أفرارا مني ؟ قال :
بل حياء منك قال : يا آدم اخرج من جواري فبعزتي لا
يساكنني فيها من عصاني ولو خلقت مثلك ملء الأرض
خلقا ثم عصوني لأسكنتهم دار العاصين " . هذا حديث
غريب وفيه انقطاع بل إعضال بين قتادة وأبي بن كعب
رضي الله عنهما . وقال الحاكم : حدثنا أبو بكر بن باكويه
عن محمد بن أحمد بن النضر عن معاوية بن عمرو عن زائدة
عن عمار بن أبي معاوية البجلي عن سعيد بن جبير عن
ابن عباس قال : ما أسكن آدم الجنة إلا ما بين صلاة العصر إلى غروب الشمس ثم قال : صحيح على شرط الشيخين
ولم يخرجاه . وقال عبد بن حميد في تفسيره حدثنا روح
عن هشام عن الحسن قال : لبث آدم في الجنة ساعة
من نهار تلك الساعة ثلاثون ومائة سنة من أيام الدنيا .
وقال أبو جعفر الرازي : عن الربيع بن أنس قال : خرج آدم
من الجنة للساعة التاسعة أو العاشرة فأخرج آدم معه
غصنا من شجر الجنة على رأسه تاج من شجر الجنة وهو
الإكليل من ورق الجنة . وقال السدي : قال الله تعالى"
اهبطوا منها جميعا " فهبطوا ونزل آدم بالهند ونزل معه
الحجر الأسود وقبضة من ورق الجنة فبثه بالهند فنبتت
شجرة الطيب فإنما أصل ما يجاء به من الطيب من الهند
من قبضة الورق التي هبط بها آدم وإنما قبضها آسفا على
الجنة حين أخرج منها . وقال عمران بن عيينة : عن عطاء
بن السائب عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال : أهبط
آدم بدحنا أرض الهند . وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أبو زرعة
حدثنا عثمان بن أبي شيبة حدثنا جرير عن عطاء عن
سعيد عن ابن عباس قال : أهبط آدم عليه السلام إلى
أرض يقال لها دحنا بين مكة والطائف . وعن الحسن
البصري قال : أهبط آدم بالهند وحواء بجدة وإبليس
بدستميسان من البصرة على أميال وأهبطت الحية
بأصبهان رواه ابن أبي حاتم . وقال أبو محمد بن أبي حاتم :
حدثنا محمد بن عمار بن الحرث حدثنا محمد بن سعيد بن
سابق حدثنا عمر بن أبي قيس عن الزبير بن عدي عن ابن
عمر قال : أهبط آدم بالصفا وحواء بالمروة . وقال رجاء بن
سلمة : أهبط آدم عليه السلام يداه على ركبتيه مطأطئا
رأسه وأهبط إبليس مشبكا بين أصابعه رافعا رأسه إلى
السماء . وقال عبد الرزاق : قال معمر أخبرني عوف عن
قسامة بن زهير عن أبي موسى قال إن الله حين أهبط
آدم من الجنة إلى الأرض علمه صنعة كل شيء وزوده من
ثمار الجنة فثماركم هذه من ثمار الجنة غير أن هذه تتغير
وتلك لا تتغير. وقال الزهري عن عبد الرحمن بن هرمز
الأعرج عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه
وسلم " خير يوم طلعت فيه الشمس يوم الجمعة فيه
خلق آدم وفيه أدخل الجنة وفيه أخرج منها " رواه مسلم
والنسائي . وقال الرازي : اعلم أن في هذه الآية تهديدا
عظيما عن كل المعاصي من وجوه " الأول " إنما يتصور ما
جرى على آدم بسبب إقدامه على هذه الزلة الصغيرة كان
على وجل شديد من المعاصي قال الشاعر : يا ناظرا يرنو
بعيني راقد ومشاهدا للأمر غير مشاهد تصل الذنوب إلى
الذنوب وترتجي درج الجنان ونيل فوز العابد أنسيت ربك
حين أخرج آدما منها إلى الدنيا بذنب واحد وقال ابن
القاسم : ولكننا سبي العدو فهل ترى نعود إلى أوطاننا
ونسلم قال الرازي عن فتح الموصلي أنه قال : كنا قوما من
أهل الجنة فسبانا إبليس إلى الدنيا فليس لنا إلا الهم
والحزن حتى نرد إلى الدار التي أخرجنا منها . فإن قيل
فإذا كانت جنة آدم التي أخرج منها في السماء كما يقول
الجمهور من العلماء فكيف تمكن إبليس من دخول الجنة
وقد طرد من هنالك طردا قدريا والقدري لا يخالف ولا يمانع
؟ فالجواب أن هذا بعينه استدل به من يقول إن الجنة التي
كان فيها آدم في الأرض لا في السماء كما قد بسطنا هذا
في أول كتابنا البداية والنهاية وأجاب الجمهور بأجوبة
أحدها أنه منع من دخول الجنة مكرما فأما على وجه
السرقة والإهانة فلا يمتنع ولهذا قال بعضهم كما جاء في
التوراة أنه دخل في فم الحية إلى الجنة . وقد قال
بعضهم : يحتمل أنه وسوس لهما وهو خارج باب الجنة .
وقال بعضهم : يحتمل أنه وسوس لهما وهو في الأرض
وهما في السماء ذكرها الزمخشري وغيره . وقد أورد
القرطبي هاهنا أحاديث في الحيات وقتلهن وبيان حكم
ذلك فأجاد وأفاد
| |
|
| |
عفاف كامل خادم رايه التوحيد متميز
عدد المساهمات : 616 تاريخ التسجيل : 06/06/2010
| موضوع: رد: فى رحاب حفظ وتفسير ايتين يوميا الأحد سبتمبر 19, 2010 1:44 pm | |
| السلام عليكم ورحمة الله وبركاتة فَتَلَقَّىٰ آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ ۚ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ (37) قُلْنَا اهْبِطُوا مِنْهَا جَمِيعًا ۖ فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى فَمَنْ تَبِعَ هُدَايَ فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (38) التفسير لأبن كثير فَتَلَقَّىٰ آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ ۚ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ (37) قيل إن هذه الكلمات مفسرة بقوله تعالى : " قالا ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين " وروي عن مجاهد وسعيد بن جبير وأبي العالية والربيع بن أنس والحسن وقتادة ومحمد بن كعب القرظي وخالد بن معدان وعطاء الخراساني وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم وقال أبو إسحاق السبيعي عن رجل من بني تميم قال : أتيت ابن عباس فسألته ما الكلمات التي تلقى آدم من ربه ؟ قال : علم شأن الحج . وقال سفيان الثوري عن عبد العزيز بن رفيع أخبرني من سمع عبيد بن عمير . وفي رواية قال مجاهد عن عبيد بن عمير أنه قال : قال آدم يا رب خطيئتي التي أخطأت شيء كتبته علي قبل أن تخلقني أو شيء ابتدعته من قبل نفسي ؟ قال " بل شيء كتبته عليك قبل أن أخلقك " قال : فكما كتبته علي فاغفر لي. قال فذلك قوله تعالى " فتلقى آدم من ربه كلمات فتاب عليه " وقال السدي عمن حدثه عن ابن عباس فتلقى آدم من ربه كلمات قال : قال آدم عليه السلام : يا رب ألم تخلقني بيدك ؟ قال له بلى. قال : ونفخت في من روحك ؟ قيل له بلى قال : أرأيت إن تبت هل أنت راجعي إلى الجنة ؟ قال نعم . وهكذا رواه العوفي وسعيد بن جبير وسعيد بن معبد عن ابن عباس بنحوه ورواه الحاكم في مستدركه من حديث ابن جبير عن ابن عباس وقال صحيح الإسناد ولم يخرجاه . وهكذا فسره السدي وعطية العوفي. وقد روى ابن أبي حاتم هاهنا حديثا شبيها بهذا فقال : حدثنا علي بن الحسين بن إشكاب حدثنا ابن عاصم عن سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن الحسن عن أبي بن كعب قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " قال آدم عليه السلام أرأيت يا رب إن تبت ورجعت أعائدي إلى الجنة ؟ قال نعم فذلك قوله " فتلقى آدم من ربه كلمات " وهذا حديث غريب من هذا الوجه وفيه انقطاع : وقال أبو جعفر الرازي عن الربيع بن أنس عن أبي العالية في قوله تعالى : فتلقى آدم من ربه كلمات فتاب عليه . قال إن آدم لما أصاب الخطيئة قال أرأيت إن تبت يا رب وأصلحت ؟ قال الله " إذا أدخلك الجنة " فهي الكلمات ومن الكلمات أيضا " ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين " وقال ابن أبي نجيح عن مجاهد أنه كان يقول في قول الله تعالى فتلقى آدم من ربه كلمات فتاب عليه . قال الكلمات : اللهم لا إله إلا أنت سبحانك وبحمدك رب إني ظلمت نفسي فاغفر لي إنك خير الغافرين اللهم لا إله إلا أنت سبحانك وبحمدك رب إني ظلمت نفسي فارحمني إنك خير الراحمين اللهم لا إله إلا أنت سبحانك وبحمدك رب إني ظلمت نفسي فتب علي إنك أنت التواب الرحيم . وقوله تعالى " إنه هو التواب الرحيم " أي إنه يتوب على من تاب إليه وأناب كقوله " ألم يعلموا أن الله هو يقبل التوبة عن عباده " وقوله " ومن يعمل سوءا أو يظلم نفسه " الآية وقوله " ومن تاب وعمل صالحا " إلى غير ذلك من الآيات الدالة على أنه تعالى يغفر الذنوب ويتوب على من يتوب وهذا من لطفه بخلقه ورحمته بعبيده لا إله إلا هو التواب الرحيم . قُلْنَا اهْبِطُوا مِنْهَا جَمِيعًا ۖ فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى فَمَنْ تَبِعَ هُدَايَ فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (38) يقول تعالى مخبرا عما أنذر به آدم وزوجته وإبليس حين أهبطهم من الجنة والمراد الذرية أنه سينزل الكتب ويبعث الأنبياء والرسل كما قال أبو العالية الهدى الأنبياء والرسل والبينات والبيان وقال مقاتل بن حيان : الهدى محمد صلى الله عليه وسلم وقال الحسن الهدى القرآن وهذان القولان صحيحان . وقول أبي العالية أعم " فمن اتبع هداي " أي من أقبل على ما أنزلت به الكتب وأرسلت به الرسل " فلا خوف عليهم " أي فيما يستقبلونه من أمر الآخرة " ولا هم يحزنون " على ما فاتهم من أمور الدنيا كما قال في سورة طه " قال اهبطا منها جميعا بعضكم لبعض عدو فإما يأتينكم مني هدى فمن تبع هداي فلا يضل ولا يشقى " قال ابن عباس فلا يضل في الدنيا ولا يشقى في الآخرة.
| |
|
| |
زهر الحنون المدير العام
عدد المساهمات : 1384 تاريخ التسجيل : 12/04/2010
| |
| |
عفاف كامل خادم رايه التوحيد متميز
عدد المساهمات : 616 تاريخ التسجيل : 06/06/2010
| موضوع: رد: فى رحاب حفظ وتفسير ايتين يوميا الأحد سبتمبر 26, 2010 2:04 pm | |
| السلام عليكم ورحمة الله وبركاتة
وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا
بِآيَاتِنَا أُولَٰئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ ۖ هُمْ
فِيهَا خَالِدُونَ (39)
يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ
الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَوْفُوا بِعَهْدِي
أُوفِ بِعَهْدِكُمْ وَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ (40)
التفسير لأبن كثير
وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا
أُولَٰئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ ۖ هُمْ فِيهَا
خَالِدُونَ (39)
أي مخلدون فيها لا محيد لهم عنها
ولا محيص . أورد ابن جرير هاهنا
حديثا ساقه من طريقين عن أبي
سلمة سعيد بن يزيد عن أبي نضرة
المنذر بن مالك بن قطعة عن أبي
سعيد واسمه سعد بن مالك بن سنان
الخدري قال : قال رسول الله صلى
الله عليه وسلم " أما أهل النار
الذين هم أهلها فلا يموتون فيها
ولا يحيون ولكن أقوام أصابتهم
النار بخطاياهم فأماتتهم إماتة
حتى إذا صاروا فحما أذن في
الشفاعة " وقد رواه مسلم من
حديث شعبة عن أبي سلمة به .
وذكر هذا الإهباط الثاني لما
تعلق به ما بعده من المعنى
المغاير للأول وزعم بعضهم أنه
تأكيد وتكرير كما يقال قم قم
وقال آخرون بل الإهباط الأول من
الجنة إلى السماء الدنيا والثاني
من سماء الدنيا إلى الأرض
والصحيح الأول والله أعلم .
يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ
الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَوْفُوا بِعَهْدِي
أُوفِ بِعَهْدِكُمْ وَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ (40)
يقول تعالى آمرا بني إسرائيل
بالدخول في الإسلام ومتابعة محمد
عليه من الله أفضل الصلاة والسلام
ومهيجا لهم بذكر أبيهم إسرائيل
وهو نبي الله يعقوب عليه السلام
وتقديره يا بني العبد الصالح
المطيع لله كونوا مثل أبيكم في
متابعة الحق كما تقول يا ابن
الكريم افعل كذا يا ابن الشجاع
بارز الأبطال يا ابن العالم اطلب
العلم ونحو ذلك . ومن ذلك أيضا
قوله تعالى " ذرية من حملنا مع
نوح إنه كان عبدا شكورا "
فإسرائيل هو يعقوب بدليل ما
رواه أبو داود الطيالسي حدثنا
عبد الحميد بن بهرام عن شهر بن
حوشب قال : حدثني عبد الله بن
عباس قال حضرت عصابة من اليهود
نبي الله صلى الله عليه وسلم فقال
لهم " هل تعلمون أن إسرائيل
يعقوب ؟ " قالوا اللهم نعم
فقال النبي صلى الله عليه وسلم "
اللهم اشهد " وقال الأعمش عن
إسماعيل بن رجاء عن عمير مولى ابن
عباس عن عبد الله بن عباس أن
إسرائيل كقولك عبد الله وقوله
تعالى " اذكروا نعمتي التي أنعمت
عليكم" قال مجاهد نعمة الله التي
أنعم بها عليهم فيما سمى وفيما
سوى ذلك أن فجر لهم الحجر وأنزل عليهم المن والسلوى ونجاهم من
عبودية آل فرعون وقال أبو العالية : نعمته أن جعل منهم
الأنبياء والرسل أو نزل عليهم
الكتب قلت وهذا كقول موسى عليه
السلام لهم يا قوم اذكروا نعمة
الله عليكم إذ جعل فيكم أنبياء
وجعلكم ملوكا وآتاكم ما لم يؤت أحدا من العالمين يعني في زمانهم .
وقال محمد بن إسحاق : حدثني محمد
بن أبي محمد عن عكرمة أو سعيد
بن جبير عن ابن عباس في قوله
تعالى " اذكروا نعمتي التي أنعمت
عليكم " أي بلائي عندكم وعند
آبائكم لما كان نجاهم من فرعون
وقومه " وأوفوا بعهدي أوف بعهدكم " قال بعهدي الذي أخذت
في أعناقكم للنبي صلى الله عليه
وسلم إذا جاءكم أنجز لكم ما
وعدتكم عليه من تصديقه واتباعه
بوضع ما كان عليكم من الآصار والأغلال التي كانت في أعناقكم
بذنوبكم التي كانت من إحداثكم .
وقال الحسن البصري هو قوله
تعالى " ولقد أخذ الله ميثاق بني
إسرائيل وبعثنا منهم اثني عشر
نقيبا وقال الله إني معكم لئن
أقمتم الصلاة وآتيتم الزكاة
وآمنتم برسلي وعزرتموهم وأقرضتم
الله قرضا حسنا لأكفرن عنكم
سيئاتكم ولأدخلنكم جنات تجري من
تحتها الأنهار " الآية وقال آخرون هو الذي أخذ الله عليهم في
التوراة أنه سيبعث من بني
إسماعيل نبيا عظيما يطيعه جميع
الشعوب والمراد به محمد صلى الله
عليه وسلم فمن اتبعه غفر الله له
ذنبه وأدخله الجنة وجعل له
أجرين. وقد أورد الرازي بشارات
كثيرة عن الأنبياء عليهم الصلاة
والسلام بمحمد صلى الله عليه وسلم
وقال أبو العالية " وأوفوا
بعهدي " قال عهده إلى عباده دين الإسلام وأن يتبعوه . وقال
الضحاك عن ابن عباس : أوف
بعهدكم قال أرض عنكم وأدخلكم
الجنة وكذا قال السدي والضحاك
وأبو العالية والربيع بن أنس وقوله تعالى " وإياي فارهبون"
أي فاخشون قاله أبو العالية
والسدي والربيع بن أنس
وقتادة . وقال ابن عباس في قوله
تعالى " وإياي فارهبون " أي إن
نزل بكم ما أنزلت بمن كان قبلكم من آبائكم من النقمات
التي قد عرفتم من المسخ وغيره
وهذا انتقال من الترغيب إلى
الترهيب فدعاهم إليه بالرغبة
والرهبة لعلهم يرجعون إلى الحق
واتباع الرسول صلى الله عليه
وسلم والاتعاظ بالقرآن وزواجره
وامتثال أوامره وتصديق أخباره
والله يهدي من يشاء إلى صراط
مستقيم . | |
|
| |
زهر الحنون المدير العام
عدد المساهمات : 1384 تاريخ التسجيل : 12/04/2010
| موضوع: رد: فى رحاب حفظ وتفسير ايتين يوميا الأحد سبتمبر 26, 2010 2:13 pm | |
| بارك الله فيك اختي عفاف
وجعله في ميزان حسناتك | |
|
| |
عفاف كامل خادم رايه التوحيد متميز
عدد المساهمات : 616 تاريخ التسجيل : 06/06/2010
| موضوع: رد: فى رحاب حفظ وتفسير ايتين يوميا الإثنين سبتمبر 27, 2010 9:51 pm | |
| اشكرك ام اياد على مرورك ومشاركتك الجميلة دمت فى حفظ الله
| |
|
| |
عفاف كامل خادم رايه التوحيد متميز
عدد المساهمات : 616 تاريخ التسجيل : 06/06/2010
| موضوع: رد: فى رحاب حفظ وتفسير ايتين يوميا الثلاثاء سبتمبر 28, 2010 11:48 am | |
| | |
|
| |
عفاف كامل خادم رايه التوحيد متميز
عدد المساهمات : 616 تاريخ التسجيل : 06/06/2010
| موضوع: رد: فى رحاب حفظ وتفسير ايتين يوميا الأربعاء سبتمبر 29, 2010 8:15 pm | |
| | |
|
| |
عفاف كامل خادم رايه التوحيد متميز
عدد المساهمات : 616 تاريخ التسجيل : 06/06/2010
| موضوع: رد: فى رحاب حفظ وتفسير ايتين يوميا الخميس سبتمبر 30, 2010 1:04 pm | |
| | |
|
| |
عفاف كامل خادم رايه التوحيد متميز
عدد المساهمات : 616 تاريخ التسجيل : 06/06/2010
| موضوع: رد: فى رحاب حفظ وتفسير ايتين يوميا السبت أكتوبر 02, 2010 12:43 pm | |
| | |
|
| |
| فى رحاب حفظ وتفسير ايتين يوميا | |
|